النظير الأمريكي لكوربن

07-03-2019
د. حسن مدن

أعلن بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة في العام المقبل ممثلاً للحزب الديمقراطي. وكان ساندرز قد نافس هيلاري كلينتون على تمثيل الحزب الديمقراطي في الانتخابات السابقة، لكنه خرج من السباق، بعد أن أيقن أن كفّة الديمقراطيين تميل لصالح كلينتون التي خسرت المعركة بدورها أمام دونالد ترامب مرشح الجمهوريين.

يبلغ ساندرز 77 عاماً من العمر، ويعد أكثر من شغل مقعداً مستقلاً بمجلس الشيوخ في تاريخ الولايات المتحدة، وخلفه تاريخ سياسي حافل في معارضة السياسات الأمريكية التقليدية، فالرجل الذي درس الحقوق في جامعة شيكاغو، شارك في الستينات والسبعينات في الحملات المناوئة للحرب وفي حملات الحقوق المدنية، وهو صاحب خطاب نقدي حاد للسياسات المتبعة.

وحتى اللحظة يقدم ساندرز نفسه بوصفه «ديمقراطياً اشتراكياً»، قائلاً إن غايته إرساء اقتصاد لصالح الجميع، وليس في صالح الأثرياء فحسب. وخلال حملة الانتخابات التمهيدية دافع عن تغطية صحية كاملة للأمريكيين، وتعليم جامعي مجاني وزيادة الحد الأدنى للأجور. وفي إعلان ترشحه هاجم جشع الشركات العملاقة، وتعهّد ب«بثورة سياسية» في الولايات المتحدة.

هذا البرنامج يوفر له تأييداً واسعاً داخل صفوف الحزب الديمقراطي، ولدى الناخبين الأمريكيين عامة، خاصة الشباب منهم، لما يتسم به طرحه من جرأة ووضوح. ويثير هذا التأييد حفيظة منافسيه وخصومه داخل الحزب الديمقراطي، الذين يقولون بأن عمره الكبير لا يجعل منه المرشح المناسب لأن يكون رئيساً قادماً للولايات المتحدة.

الأرجح أن عمر الرجل ليس أكثر من ذريعة لرفض تكريسه مرشحاً عن الحزب الديمقراطي بوجه دونالد ترامب، فالمسألة في العمق تطال البرنامج الاجتماعي الذي يتبناه الرجل، والذي لا يروق للأوساط اليمينية في صفوف الديمقراطيين التي سبق لها أن فضلت هيلاري كلينتون عليه، وحتى في هذه المرة ستسعى هذه الأوساط للدفع بمرشح أكثر ملاءمة لأطروحاتها، وأبعد عن التوجه الراديكالي لساندرز.

ثمة أوجه شبه كثيرة بين ساندرز وزعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن. أحد هذه الأوجه يتمثل في كون الرجلين يحملان البرنامج الاجتماعي نفسه، أي البرنامج الذي يجد قبولاً لدى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، هذا على الصعيد الداخلي، أما على صعيد السياسة الخارجية فساندرز مثل كوربن معارض لسياسات «إسرائيل» التوسعية، ومدافع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لذا تطال ساندرز اتهامات نظيرة لتلك التي يواجهها كوربن من قبيل معاداة السامية.

لذا فالمرجح أن تكون حملته القادمة أصعب بكثير من سابقتها.

madanbahrain@gmail.com