«عهدة» نتنياهو الخامسة

07-03-2019
عوني صادق

لم تفلح محاولات بنيامين نتنياهو منع المستشار القضائي للحكومة، أفيخاي مندلبليت، من إعلان قراره وتأجيل لائحة اتهام ضده، فجاءت تحمل اتهامات بتلقي «الرشى والخيانة وخرق الثقة»، ما اعتبره نتنياهو «مؤامرة» لإسقاطه. ولأن إجراءات الوصول إلى القرار النهائي، كما يرى الخبراء، يحتاج إلى أشهر عدة، قد تصل إلى عام كامل، فإنه يتوجب النظر في تأثيراتها في وضع نتنياهو، والانتخابات عموماً.
ولم تظهر «أزمة نتنياهو» مع القضاء واتهامه بالفساد فجأة، بل كانت منذ أشهر عدة في مركز الصراع على السلطة في الكيان. وعندما قرر نتنياهو تقديم استقالة حكومته، وتقديم موعد الانتخابات، كان يعرف طبيعة هذه الأزمة، وما يواجهه، وبالتالي فإنه من السذاجة أن يتصور أحد أنه لم يكن يتوقع ما حدث، أوأنه لم يجهز نفسه لمواجهته. وحتى أكثر خصومه رغبة في إسقاطه، لم ينكروا أن الانتخابات المبكرة لن تغير من موازين القوى في الساحة السياسية، وأن نتنياهو بعد كل شيء سيشكل حكومته الخامسة بعد انتهاء الانتخابات. الآن، وبعد تقديم «لوائح الاتهام»، أصبح السؤال: كيف ستؤثر المعطيات الأخيرة في فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة المقبلة، وهل ما زال التصور السابق قائماً؟ الجواب يعتمد، من جهة، على تأثير الاتهامات المحتمل في ائتلاف اليمين الذي يتزعمه نتنياهو: هل سيدعم بقاءه أم لا؟ ومن جهة ثانية، يعتمد على تصويت الناخبين ومواقفهم، وهل ستظل شعبية نتنياهو في الشارع «الإسرائيلي» كما كانت، أم أنها ستتراجع؟ ومن جهة ثالثة وأخيرة، هل يصل تأثير الاتهامات إلى ظهور شخص «مؤهل» لإزاحة نتنياهو عن رئاسة الوزراء، بصرف النظر عن عدد المقاعد التي سيحرزها (الليكود) أولاً، ثم ائتلاف اليمين ثانيا؟
إذا كان الهامش الزمني الذي يمنحه القانون لنتنياهو قد يصل إلى عام، فإن تقديم «لائحة اتهام» ضده لن تمنعه من ممارسة مهامه كرئيس للوزراء خلال هذه الفترة، وبالتالي ممارسة كل ألاعيبه التي اعتاد عليها. وفي آخر الاستطلاعات، ظهر أن الحلف الذي أقامه المنافس الأهم، الجنرال بني جانتس، زعيم حزب (مناعة «إسرائيل»)، قد يتفوق من حيث عدد المقاعد على (الليكود). لكن ائتلاف اليمين الحاكم لن يخسر كثيراً من مقاعده، حيث إن «الحراك الانتخابي» يجري بين أحزاب هذا الائتلاف. من ناحية أخرى، أظهرت الاستطلاعات الأخيرة أن «نمطية» التصويت لن تتغير، وأن أحزاب اليمين واليمين المتطرف الحاكم لن تتخلى عن نتنياهو، أي أنه حتى من حيث عدد المقاعد قد يتساوى مع حلف جانتس. تبقى في هذا الجانب مسألة المرشح المفضل لرئاسة الوزراء، وقد أظهرت الاستطلاعات أن نتنياهو يحظى بنسبة 43% من الأصوات مقابل 35% لمصلحة جانتس. بمعنى أن نتنياهو، إذا ظلت النسب هذه على حالها، هو من سيشكل الحكومة المقبلة. طبعاً في هذه الحالة، ومع عدم وجود أغلبية في الكنيست لمصلحة نتنياهو، تكون الحكومة الجديدة ضعيفة، وقابلة للسقوط بسهولة، ويكون الحل إما تكليف جانتس، وإما الذهاب من جديد لانتخابات مبكرة. ولأنه ليس من السهل إجراء الانتخابات مرتين خلال أشهر، فإن تكليف جانتس هو الحل، لكنه لن يكون حلاً ما دام ميزان القوى في الكنيست لم يتغير لمصلحته.
في كل الأحوال، سواء اجتاز نتنياهو، أو لم يجتز اللحظة، فإن «أزمة «إسرائيل»» لن تجد لها حلاً، لأنه كائناً من يكون الذي سيحل محل نتنياهو فلن يكون أقل منه سوءاً، وتطرفاً، وعنصرية، فكل الأحزاب «الإسرائيلية» تتفق على الموقف من الفلسطينيين والصراع الدائر، وهي كلها مع الاستيطان والتوسع وعدم الاعتراف بحقوقهم الوطنية. حتى حزب «ميرتس» ليس لديه سوى ما يسمى «حل الدولتين» العاجز عن تحقيقه، والذي لم يعد له مكان في السياسة «الإسرائيلية». الفلسطينيون وحدهم من يملك الحل، وكل الأحزاب «الإسرائيلية» لا تقدم «الحد الأدنى» الذي يرضي الفلسطينيين «المعتدلين». بالتالي، حتى اللحظة، ربما يكون نتنياهو في طريقه إلى «العهدة الخامسة» من سنوات حكمه.

awni.sadiq@hotmail.com