فساد نتنياهو

06-03-2019
فتح العليم الفكي

يبدو أن الاتهامات بالفساد التي وجهها المدعي العام «الإسرائيلي» قبيل نحو ستة أسابيع من الانتخابات العامة لرئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو ستضعه وحزبه الليكود في موقف انتخابي حرج للغاية.
وبدأ الشارع «الإسرائيلي» يتفاعل مع هذه الاتهامات التي شملت الرشوة في القضية المعروفة إعلامياً بالملف 4000 والاحتيال وخيانة الأمانة في الملفين 1000 و2000، وخرجت تظاهرات شعبية شارك فيها المئات طالبت نتنياهو بالاستقالة.
وعلى الرغم من أن نتنياهو حاول الرد على هذه الاتهامات وبلهجة فيها الكثير من التحدي والغطرسة التي اشتهر بها، ووصفها بأنها حملة مغرضة ضده من تدبير خصومه اليساريين للإطاحة بحكومته، فإن شهادة مدير مكتبه السابق ديفيد شيران ستحكم الطوق حول عنقه، وستضعه في ورطة حقيقية ربما تهدد مستقبله السياسي.
ويرى خبراء أن نتنياهو لكي يفلت من هذه الاتهامات أمامه خياران أحلاهما مر، وهو التنحي عن رئاسة الوزارة، والتفرغ للدفاع عن نفسه وتبرئة ساحته، وإفساح المجال لزعيم آخر لقيادة الليكود في الانتخابات المزمعة في إبريل/ نيسان المقبل، أما الخيار الآخر فهو خيار ظل يلجأ إليه معظم قادة الكيان «الإسرائيلي» عندما يواجهون أزمات داخلية، وهو افتعال حرب مع الفلسطينيين في قطاع غزة أو في القدس، ويبدو أن نتنياهو سيلجأ إلى هذا الخيار؛ لإلهاء شعبه عن جرائم فساده.
لقد أظهر أحدث استطلاع للرأي أجراه موقع «كان» اليهودي أن نتنياهو سيخسر الانتخابات المقبلة لصالح تحالف «أزرق -أبيض» اليساري الذي يقوده رئيس الأركان السابق بيني غانتس، ورئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، وقال إن الليكود لن يحصل على أكثر من 27 مقعداً، بينما سيحصل التحالف على 37 مقعداً.
وعلى الرغم من دعم أحزاب اليمين المتطرف لنتنياهو، فإن الاستطلاع أكد أن الليكود، حتى لو تحالف مع الأحزاب اليمينية المتشددة، لن يحصل على أكثر من 60 مقعداً، وبالتالي لن يستطيع تشكيل حكومة تحتاج إلى 61 مقعداً.
إن توقيت الاتهامات ضد نتنياهو تزامن مع الجولة التي قام بها كل من مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر، وجيسون جرينبلات مبعوثه إلى الشرق الأوسط للتسويق لصفقة القرن المشبوهة، والتي تهدف بالأساس إلى تصفية القضية الفلسطينية، خاصة أن ترامب استبق استئناف المفاوضات بين الجانبين بنقل سفارة بلاده لمدينة القدس المحتلة، واعترافه بها عاصمة ل«إسرائيل»، كما دخل قرار خفض واشنطن تمثيلها الدبلوماسي لدى الفلسطينيين عبر دمج قنصليتيها في القدس مع السفارة في «إسرائيل» التنفيذ يوم الاثنين الماضي.
مهما يكن من أمر فإن نتنياهو بدأ يخسر الكثير داخل «إسرائيل» وخارجها، خاصة في الولايات المتحدة؛ حيث خسر الكثير من المقربين إليه في اللوبي اليهودي «الأيباك» وأعضاء في الكونجرس؛ جراء إقدامه على إدخال حزب كاهانا الإرهابي في تحالفه الانتخابي، والوعد بمكافأته بمنصب وزاري في حال الفوز بالانتخابات، ولا تبدو حيله الماكرة بالتصعيد العسكري ضد الفلسطينيين ستعصمه هذه المرة من المحاسبة.

alzahraapress@yahoo.com