بين «بيبي» وطيبي

06-03-2019
يونس السيد

عندما يخير بنيامين نتنياهو الناخبين «الإسرائيليين» بين «بيبي»، وهو اسمه المصغر، و«طيبي» في إشارة إلى الدكتور أحمد الطيبي رئيس القائمة العربية للتغيير، فهذا يعني أنه في أزمة حقيقية يحتاج معها إلى شحذ كل أسلحته الهجومية لحشد كل قوى اليمين واليمين المتطرف خلفه للفوز بالانتخابات التشريعية المقررة في 9 إبريل المقبل، وإن كان ذلك لا يعني الخلاص نهائياً من هذه الأزمة.
لم يجد نتنياهو وهو يفتتح الحملة الانتخابية لحزبه «الليكود» أفضل من هذه البداية «المستفزة» للناخب «الإسرائيلي» عبر تحذيره من تسليم السلطة للعرب و«اليسار» إذا لم يحتشد وراء اليمين واليمين المتطرف، في معركة اعترف أخيراً بأنها «لن تكون سهلة»، وأن «الانتصار فيها ليس في متناول اليد»، معرباً عن خشيته من صعود نفوذ الأحزاب العربية.
قبل أسابيع قليلة، لم يكن نتنياهو ليكترث لا بالأحزاب العربية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ولا بما يسميه «اليسار الإسرائيلي»، لاعتبارات تتعلق بضعف خصومه السياسيين، فالأحزاب العربية في حال توحدت ومهما كانت قوتها لن تستطيع الحصول على أكثر من 13 مقعداً في «الكنيست»، فيما اليسار «الإسرائيلي» كان هشاً ومفككاً في ظل انتفاء الصراع التقليدي والتاريخي بين حزبي «الليكود» و«العمل» حيث تراجع الأخير إلى حد الاختفاء. ولكن الصورة تبدلت مع تبدل التحالفات في ظل احتدام المعركة الانتخابية، ومع ظهور قوة منافسة حقيقية يقودها جنرالات ورؤساء أركان الجيش السابقون بزعامة رئيس الأركان السابق بيني جانتس، الذي أسس حزباً أطلق عليه اسم «مناعة إسرائيل» سرعان ما حقق صعوداً لافتاً، ليحل في المرتبة الثانية بعد «الليكود»، بحسب استطلاعات الرأي، قبل أن يقوم بتعزيزه بتحالفات جديدة أبرزها مع حزب «تيلم» الذي أسسه رئيس الأركان ووزير الحرب السابق موشيه يعلون، ومع حزب «يوجد مستقبل» بزعامة يائير لبيد، حيث اتفق زعماء الأحزاب الثلاثة على تشكيل قائمة مشتركة تضم أيضاً رئيس الأركان الأسبق جابي أشكنازي، حملت اسم «أزرق أبيض»، في إشارة إلى علم «إسرائيل» تحت زعامة جانتس، الذي تمكن أيضاً من ضم آفي نيسانكورن رئيس النقابات العامة «الهيستدروت» ومنحه مقعداً متقدماً في القائمة. ومع أن هذه الأحزاب لا علاقة لها ب «اليسار»، إذ إن معظمها ينتمي إلى اليمين أو يمين الوسط، كما أن برنامجها السياسي لا يختلف كثيراً عن برنامج اليمين، إلا أنها أصبحت تشكل قوة انتخابية ضخمة أرعبت نتنياهو في ظل إصرار جنرالات «إسرائيل» السابقين على إسقاطه.
هذا الواقع، وضع نتنياهو تحت مزيد من الضغط بعد توجيه الاتهام رسمياً له بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة، وبالتالي تقديمه إلى المحاكمة، ما دفعه إلى اللجوء لنظرية المؤامرة، واتهام الجميع بالتآمر لإسقاطه وإسقاط حكم اليمين، خصوصاً أنه يأمل الفوز بهذه الانتخابات، على أمل الحصول على تفويض شعبي قد يكون بمثابة طوق نجاة لعدم دخوله السجن.

younis898@yahoo.com