نتنياهو وترامب .. مديح واتهامات

05-03-2019
حافظ البرغوثي

يبالغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحليفه رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، في تبادل المديح بطريقة شبه يومية في هذه الأوقات، مع تزايد الضغوط القضائية والاتهامات الموجهة إليهما بالفساد، والكذب، والخداع.
وكان نتنياهو حظي بأوصاف بأنه كاذب ومخادع من الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أثناء قمة العشرين، واستمع الصحفيون بالصدفة الى حوار بينهما كانا يظنان انه لا ينقل عبر الميكروفونات، عندما نعت ساركوزي رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بالكاذب، ولم يعد يحتمل رؤيته، فرد أوباما قائلاً «لقد سئمت منه، لكني مضطر للتعامل معه كل يوم»، وسبق لأوباما أن وصف نتنياهو بأنه مثل «شوكة في المؤخرة».
ونتنياهو لا يترك مناسبة إلا ويكيل فيها المديح لترامب، واصفاً إياه بأنه الرئيس الذي خدم «إسرائيل» اكثر من غيره، ورد عليه ترامب في ختام القمة الفاشلة مع نظيره الكوري الشمالي في هانوي بوصف نتنياهو بانه «رجل ذكي وقوي».
الرئيس الأمريكي متمسك بنتنياهو لأسباب داخلية أمريكية تتعلق به، وبالحملة عليه في الكونجرس، بعد شهادة محاميه السابق مايكل كوهين، وقد زاد من جرعة المديح لنتنياهو أيضاً بعد أن قرر المستشار القضائي «الإسرائيلي» توجيه اتهامات له بالفساد، والرشوة، وخيانة الأمانة، كأن ترامب شخصياً، يتوجس خيفة من أن يعمد الكونجرس، أو المحقق الخاص موللر، الى مساءلته، فهو مع نتنياهو في عين الإعصار تحيطهما تهم كبيرة قد تطيحهما، ويبدو انهما يراهنان على تمرير «صفقة القرن» كحبل نجاة لهما. فشهادة كوهين في الكونجرس ستقوض فرصة ترامب في إعادة انتخابه مجدداً. أما نتنياهو، فقد هزت الاتهامات الموجهة ضده في ثلاثة ملفات ثقيلة شهد فيها كبار مساعديه ضده، موقفه الانتخابي، رغم التفاف المعسكر اليميني حوله.
وبالنسبة إلى الرئيس الأمريكي، تأتي الاتهامات الموجهة إليه من رجل قال يوماً إنه مستعد لتلقي رصاصة بدلاً من رئيسه، في الوقت الذي يقترب فيه المحقق الخاص روبرت موللر من استكمال تحقيقه في تواطؤ محتمل بين حملة ترامب، وجهود روسية للتأثير في الانتخابات.
الاثنان، نتنياهو وترامب، يحاول كل منهما دعم الآخر، وينتظر أن يواصل نتنياهو تقديم المديح لترامب في الاجتماع السنوي لجماعة الضغط (ايباك) خلال هذا الشهر، كنوع من الدعم المعنوي له، رغم أن «ايباك» انتقدت نتنياهو لأول مرة في بيان لها بسبب تحالفه مع حزب مشكّل من فلول أنصار الحاخام الإرهابي المقتول كاهانا الذي يعتبر وفقاً للقانون الأمريكي إرهابياً.
فالمعركة الانتخابية الحالية لنتنياهو هي قضية حياة أو موت، وهو يحشد كل قواه للفوز وتشكيل حكومة مقبلة، لأن الفوز من شأنه إطالة أمد التحقيقات في التهم ضده، وتأجيل جلسات الاستماع، واستخدام نفوذه لإسقاط القضايا كلها.
وهو ينظر بعد الانتخابات لكي تكشف الإدارة الأمريكية عن «صفقة القرن»، حيث طلب من وزرائه عدم الخوض في تفاصيلها، ويرجح الكثيرون، ومن بينهم مبعوثان سابقان لعملية السلام مارتين انديك، ودينيس روس، وهما يهوديان أيضاً، أن تفشل الصفقة طالما لم تتضمن إقامة دولة فلسطينية.
وقد روج نتنياهو ومساعدوه خلال الشهور الأخيرة بأن الخطة لن تشمل إقامة دولة فلسطينية، بل مجرد دولة في غزة فقط، وحكم ذاتي في الضفة، والتفاوض على المنطقة المصنفة (سي) التي تشمل نسبة ستين في المئة من مساحة الضفة لترسيم الحدود بين منطقة حكم ذاتي بلا سيادة، وهو مرفوض فلسطينياً بالمطلق. حيث إن التسريبات عن المضمون السياسي لصفقة القرن تركز على تحسين المستوى المعيشي للفلسطينيين تحت الاحتلال، وتنسف كل القرارات الدولية حول القضية الفلسطينية، وكل قضايا الوضع النهائي كالقدس، والمستوطنات، واللاجئين.

hafezbargo@hotmail.com