هل يمكننا إلغاء المستقبل؟

20-02-2019
ستيفن بول *

متى سيصبح المستقبل هو الحاضر؟ قبل عقد من الزمن، كانت جميع التوجهات تشير إلى أن قطاع الطيران يتجه نحو تبني الطائرات العملاقة «سوبر جامبو»، ولكن شركة إيرباص أعلنت قبل فترة أنها بصدد التوقف عن إنتاج طائرتها العملاقة ذات الطابقين A380، بعد أن أظهرت التجارب السوقية لشركات الطيران أن الطائرات الأقل حجماً والأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، هي المفضلة بالنسبة لها.

وكما هي الحال مع العديد من الظواهر في هذا المجال، فإن التوجهات العامة التي ارتبطت بآمال عظيمة وتوقعات كبيرة، آلت في النهاية إلى دفاتر التاريخ، فيوم الثاني من مارس القادم، يصادف الذكرى الخمسين لأول رحلة قامت بها طائرة الكونكورد الشهيرة، والتي كانت وقتها ظاهرة ثورية توقع معها الخبراء مستقبلاً أسرع من الصوت لقطاع الطيران، ولكن في بعض الأحيان، يكون من الواجب التنازل عن بعض الأشياء التي تم التخطيط لها للمستقبل والتخلي عنها لمصلحة البشرية.

ماذا لو ألغينا الآن ما نعتقد أنه سيكون المستقبل؟ نحن الآن في طريق لا يمكن التوقف فيه نحو كثير من التقنيات التي نقول إنها ستغير عالمنا إلى الأفضل، مثل السيارات ذاتية القيادة والمنازل المتصلة الذكية والروبوتات، وتجري الآن الدراسات الخاصة بالسيارات الطائرة، بل إن بعضها وصل إلى مرحلة الاختبار. نحن نعيش عصراً يتم فيه تصوير عملية التحول التكنولوجي على أنها غير قابلة للتغيير أبداً، وفي الوقت الذي تمتلك فيه المجتمعات الخيار الكامل في تحديد التوجهات العامة بقبول تلك التغييرات أو رفضها، فإنها أصبحت مغيبة تماماً ولا تعرف الطريق التالي الذي ستسلكه.

هنالك الكثير من التقنيات الثورية التي تم التخلي عنها بمرور الزمن، نتيجة لأنه تم تقييمها في مرحلة لاحقة بعد تطبيقها بالكامل، ولمن عايشوا ظهور السيارات الكهربائية في كل من لندن ومانهاتن في القرن التاسع عشر، فقد كان التوجه العام يشير إلى أنها ستكون الطفرة القادمة، ولكن بعد اكتشاف الاحتياطات النفطية الضخمة في أمريكا، توجه المستقبل فوراً نحو تبني السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود.

خلاصة القول هي أنه بمقدورنا إلغاء المستقبل الذي نشعر أنه لن يكون في صالحنا، فنحن نريد مستقبلاً نشعر فيه بالتغيير نحو الأفضل حقيقة، وليس من خلال الدعايات والحملات المنظمة التي تستهدف الربح التجاري فقط، فكم من تقنيات يصورها أصحابها أنها كانت الحلقة المفقودة في حياتنا، وكانت هي السبب في تعاستنا، بل أصبحنا لا نشعر بحجم التغيير الذي يحدث من حولنا.

* ذا جارديان