مفارقات الفخر الباطل

20-02-2019
عبداللطيف الزبيدي

لماذا أصرّت العربية على وضع جرس إنذار في كلمة فخر؟ الحرفان الأول والثاني:فخ. قد يرى البعض أن الموضوع لا يستحق عموداً، ولا حتى على رأسه. لكن المبحث قضية متعددة المشكلات. هي زلّة فخر في غير محلّه تسفر عن تعرية جوانب في منتهى السلبية، ما كانت ليفتضح أمرها لولا ذلك الفخر الساذج.
تسجيل غنائي موجود على اليوتيوب، ولا يهمّ متى عرض أوّل مرّة، فالقضايا التي يثيرها دروسها دائمة. صبيّة مصريّة بنت تسع أو عشر، تؤدي أغنية«سيرة الحب» لكوكب الشرق، مع فرقة. أستاذها، قائد الفرقة، قدّمها بكلمة تدلّ على أن الوعي الفنيّ العربي، يعاني معضلات لا يمكن تفسيرها بغير التخلف التربويّ، والخلل الجسيم في منظومة القيم، انعدام البنية التأسيسيّة في التربية الفنية، ولا حاجة إلى الذهاب بعيداً في إثارة الأبعاد الأخلاقية.
«المغدورة» تربويّاً، ودّعت لتوّها أسنان الحليب، فهل في ثلاث سنوات، بين السادسة والتاسعة، صارت صاحبة مذكّرات حياة مديدة: «طول عمري بخاف من الحب وسيرة الحب وظلم الحب لكل أصحابه»؟ متى باتت موسوعة ذكريات مآسي الهوى:«واعرف حكايات مليانة آهات ودموع وأنين..والعاشقين دابوا ما تابوا»؟ الطريف أنها كانت تعبّر عن المعاني بطريقة المدرسة الابتدائية البريئة، ما كان يعمّق الفجوة الهاوية بين براءة الأطفال، وبين «فات من عمري سنين وسنين...».
الخلل الأوّل: أن هذه التربية الموسيقية عديمة الصلة بالعلوم التربوية وتطبيقاتها في التربية الفنية. الثاني:هذا انتهاك لحرمة البراءة السنيّة العاطفيّة لدى الأطفال.الثالث: فضيحة افتقار التربية الموسيقية العربية إلى الأعمال التي من شأنها تأهيل الحناجر الفتيّة، بما يتناسب والمساحات الصوتية الواعدة، مع مراعاة كل تفاصيل القواعد التربوية. الرابع:عقلية أبي فراس:«ونحن أناس لا توسّط عندنا...»فإمّا «ديكي ديكي..أنت صديقي»،وإمّا «يسهر المصباح والأقداح والذكرى معي».إذا كان مثل هذه العاهات الذهنية مدعاة إلى الافتخار، فحذار فخ الفخر.
لزوم ما يلزم:النتيجة اللغوية:عبارة «ولا فخر» يجب تغيير معناها لتعمل «لا النافية» عملها في ما لا يدعو إلى الفخر.

abuzzabaed@gmail.com