في مواجهة معضلة العمل

بطبيعة الحال، وكما هو واضح، فإن البشرية تحقق قفزات متتالية، وعملية التطور مستمرة في مختلف مفاصل حياتنا، ولا يكاد أي مجال علمي إلا وتجد فيه المزيد من المخترعات والمزيد من التطور.

وباتت مفاهيم مثل الابتكار والتميز والمعرفة ونحوها متطلبات رئيسية في أي مجال من مجالات العمل، فلم يعد كافياً الحصول على الشهادة الجامعية وحسب، بل هناك متطلبات أخرى لها أهمية بالغة عند النظر في أوراقك، منها أن تكون السيرة الذاتية ثرية ومحملة بالمعلومات والمنجزات والخبرات.

هذا يقودنا نحو جانب آخر له أهمية، هو حتمية أن يكون جزء من عملية التعليم التقليدية توجيه أبنائنا نحو مجالات لاكتشاف مواهبهم وأيضاً لاكتساب الخبرات اللازمة، بمعنى أنه بات من الحتمي أن تستثمر العطلات والإجازات الطلابية الدراسية على مختلف فتراتها في إلحاق النشء في مجالات العمل المختلفة، ليس من أجل المردود المادي وحسب وإنما لإثراء خبراتهم وتنمية سيرهم الذاتية وتقوية حضورهم وتمكينهم للتغلب على الصعاب وإكسابهم مهارة حل المشكلات، استعداداً لسوق العمل الذي لا يرحم والذي تعد المنافسة فيه على أشدها.

معضلة العمل تتزايد تعقيداً وصعوبة عاماً وراء الآخر، والتحدي الذي يواجه أطفال اليوم ليس بالهين أو ليس تحدياً متواضعاً أو متدنياً، بل هو كبير وجسيم، ويحتاج للعلم والمهارة. مؤسسات التعليم على مختلف أنواعها تقوم بمهمة التعليم، لكن لا توجد مؤسسات تقوم بتزويد الخبرة وتمنح المهارة، لذا يكون حديثو التخرج كمن يواجهون عاصفة عندما يتوجهون للحياة العملية، فهم بلا غطاء ودون خبرة. في اللحظة نفسها لا يجدون الفرصة الوظيفية، لذا من الأهمية أن يقوم الأب والأم بهذا الدور، وأقصد دور التخطيط والترتيب لابنهما للحصول على دورات وورش ومهام عمل صيفية خلال مراحل تعليمه، وأحدد الصيف لأنه فترة الإجازة الدراسية الأطول وهي الأفضل لاستثمار وقت الابن. كم أتمنى أن تكون هناك برامج تمكين للفتيات والشباب، تبدأ معهم منذ بداية حياتهم التعليمية. برامج مهنية ووظيفية، تكون أكثر تنظيماً وشمولية وأكثر دقة، مثل المبادرات التطوعية التي تستهدف الشباب. برامج تقدم مهام وأعمالاً يفترض أن يحصل الشاب على شهادة معتمدة تثبت مزاولته لذلك العمل الذي تطوع فيه، وليس ساعات وحسب كما هو معمول الآن.

الذي أشير له أنه من الأهمية وضع برامج ومبادرات تستهدف منح فتياتنا وشبابنا الفرصة لاكتساب الخبرات العملية، وما هو قائم الآن يجب أن يتم مراجعته ليتواكب مع سوق العمل ومتطلباته.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com