مآلات «ثورة» ليبيا

20-02-2019
فتح العليم الفكي

لا يزال الجدل محتدماً في الشارع الليبي حول تقييم ثورة 17 فبراير 2011 التي أزاحت حكم العقيد معمر القذافي ولم تنتج نظاماً ديمقراطياً، كما كان يؤمل الليبيون، بل ساقتهم إلى صراعات مسلحة وحروب دامية وانقسامات حادة في المجتمع وحولت البلاد إلى مستنقع من الدماء ومستقبل مجهول المعالم والقسمات.
فمنذ «الثورة» يعيش الآلاف من الليبيين مشردين داخل وطنهم يتلقون المعونات والإغاثات ويعيش مثلهم في دول الجوار في تونس والجزائر ومصر وأوروبا وأمريكا.
كما أن معدلات الفقر في البلد الغني بثرواته النفطية تزداد يوماً بعد آخر وفق شهادة الأمم المتحدة على لسان منسقة الشؤون الانسانية ماريا ريبيرو التي قالت إن المواد الغذائية متوفرة في ليبيا ولكن تكلفتها ليست في متناول الكثيرين وأن 11 في المئة من السكان، أي ما يعادل نحو 823 ألف مواطن بحاجة إلى مساعدات إنسانية هذا بخلاف التردي في الخدمات الصحية وقطاع التعليم.
ثماني سنوات على «ثورة» فبراير ولا يلوح في آخر النفق ضوء لحل قريب يعيد الوفاق والوئام إلى الشعب الليبي، بعد الانقسام الحاد في الساحة السياسية بين طرابلس وبنغازي، بين الحكومة المؤقتة وحكومة الوفاق الوطني والميليشيات الارهابية التي حولت البلاد إلى مجتمع للكراهية والقتل والانتهاكات المروعة التي جعلت كل ليبي يقول انج سعد فقد قتل سعيد.
لا يختلف أحد على أن «الثورة» جاءت نتيجة طبيعية لتراكمات سياسية امتدت لأربعين عاماً من الحكم الشمولي وشارك فيها الشعب الليبي بكل فئاته وفصائله إلا أن محاولة جماعات الاسلام السياسي تجيير الثورة لصالحها ومحاولتها الاستئثار بالسلطة والثروة ووراثة الحكم وإقصاء بقية الفصائل السياسية والاجتماعية عبر تفصيل قانون للعزل السياسي لمنع خصومها من ممارسة العمل السياسي انحرف بالثورة عن أهدافها التي قامت من أجلها وهي الانتقال بليبيا إلى رحاب الدولة المدنية الديمقراطية.
ومن البداهة القول، إن تشبث هذه الجماعات التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً بالسلطة وضلوعها في نهب مقدرات الشعب الليبي من عائدات عمليات تهريب النفط كان السبب الرئيسي في إطالة أمد الأزمة وإفشال مهام ستة مبعوثين دوليين تعاقبوا على ليبيا منذ الثورة، ورغم ما بذلوه من جهد لحل الأزمة عبر عقد المصالحات بين القبائل والفصائل السياسية المختلفة لإنجاز تسوية سياسية تنهي معاناة الليبيين وتستعيد الدولة المختطفة، إلا أن جهودهم كلها باءت بالفشل ولم تحقق نجاحاً على أرض الواقع.
صفوة القول، إن هذا العام سيكون حاسماً بالنسبة لحل الأزمة الليبية خاصة وأن المجتمع الدولي يضغط من أجل قيام انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهايته ودعت القمة الإفريقية التي انعقدت في أول الشهر الجاري في أديس أبابا إلى عقد مؤتمر دولي حول ليبيا مطلع يوليو /تموز المقبل بهدف إيجاد حل للأزمة بالتعاون مع الأمم المتحدة، كما أن دخول قوات الجيش الوطني إلى الجنوب وتحريره من الجماعات الإرهابية وسيطرته على حقل الشرارة النفطي سيعجل بحل الأزمة.

alzahraapress@yahoo.com