أردوغان يواجه اختباراً انتخابياً

20-02-2019
كون هالينان*

بينما تستعد تركيا لانتخابات بلدية في 31 مارس/آذار، يشدد الرئيس رجب طيب أردوغان قبضته على السلطة.
في الوقت الراهن، تكتظ سجون تركيا بالمعارضين المعتقلين، في حين تم إسكات وسائل الإعلام الى حد بعيد، وترهيب المحاكم، والحد من نفوذ بيروقراطية الدولة من خلال فصل أكثر من 150 ألف موظف.
ولكن بالرغم من كل ذلك، تتجمع سحب قاتمة في أفق مستقبل الرئيس أردوغان. وحيث إن الناخبين الأتراك ينتهزون تقليدياً فرص الانتخابات من أجل توجيه رسالة، فإن أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامته يمكن أن يواجها نكسة.
المسألة المركزية في هذه الانتخابات هي الاقتصاد - الذي يمكن أن يتسبب بمتاعب لأردوغان وحزبه. إذ إن الإنتاج الصناعي تراجع بنسبة 6%، ومبيعات المفرق بنسبة 7%، في حين أن معدل النمو الاقتصادي تراجع من 7،4% عام 2014 إلى نسبة متوقعة لا تزيد على 2% في عام 2019. وبينما بلغت نسبة التضخم 20،3%، يتسع نطاق البطالة.
وتظهر أحدث أرقام رسمية أن نسبة البطالة تزيد على 11% من الأيدي العاملة، وتبلغ نحو ضعف هذا الرقم بين فئة الشبان في أعمار 15-24 سنة، الذين يشكلون الآن حوالي 20% من سكان تركيا (80،8 مليون نسمة في ديسمبر/كانون الأول 2018).
وفي الماضي، كان «الإرهاب» (أي أساساً المسألة الكردية) هو الشاغل الأكبر للناخبين. ولكن أحدث استطلاعات الرأي العام تبين أن الاقتصاد هو القضية رقم واحد في هذه الانتخابات، تليها مشكلتا البطالة واللاجئين السوريين.
وفي أوائل عهده، بنى أردوغان ماكينته الانتخابية العملاقة على أساس النمو الاقتصادي، وهو نمو أخرج كثيرين من السكان من بؤرة الفقر، وغذى تنامياً كبيراً للطبقة الوسطى. ولكن الاقتصاد فقد حيويته الآن، حيث هبط النمو منذ الفصل الثالث من العام الماضي إلى 1،6% فقط، في حين تمر صناعة البناء الآن في مرحلة ارتكاس، ما ينذر بفصل أعداد كبيرة من العمال. يضاف إلى ذلك تراجع قيمة الليرة التركية، ما فاقم شعور الناس بانعدام الأمن الاقتصادي.
ومنذ زمن طويل والاقتصاد التركي يعتمد على رأس المال الأجنبي من أجل تشغيل مصانع وتحسين مستويات المعيشة، ولكن الاستثمارات الأجنبية تتراجع. وكل ذلك دفع أنقرة إلى إجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن عملية إنقاذ. ولكن موافقة الصندوق على مثل عمليات الإنقاذ هذه تكون دائماً مكلفة، حيث إنها تفرض اتباع سياسة تقشف، وهذا لا يمكن أن يساعد أردوغان وحزبه في الانتخابات.
وإذا كانت حكومة أردوغان قد تمكنت من تحييد المعارضة عبر زج زعمائها السياسيين في السجون، إلا أن ذلك لم يضعف المعارضة. وعلى الرغم من سجن تسعة من نواب حزب الشعب الديمقراطي - الذي يعتمد على الأكراد أساساً - فإن الحزب حقق في آخر انتخابات برلمانية نتائج جعلت منه ثالث أكبر حزب سياسي ممثل في البرلمان.
وفي الماضي، كان حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان يحصل على أصوات كثيرين جداً من الأكراد. إلا أنه خسر هذه الأصوات الآن.
وبالإضافة إلى كل هذه المتاعب الداخلية، فإن سياسة أردوغان الخارجية لم تحقق نجاحات كبرى تذكر. واحتلال الجيش التركي مناطق في شمال سوريا أخذ يتحول أكثر فأكثر إلى مستنقع. وخطة أردوغان لطرد الأكراد من شمال سوريا وتوطين ملايين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا محلهم جعلته يصطدم بمعارضة قوية من الولايات المتحدة وروسيا.
وفي حين أن من المستبعد أن تتركز انتخابات مارس/آذار أساساً على السياسة الخارجية التركية، فإن حكومة وحزب أردوغان سيواجهان متاعب بسبب الوضع الهش للاقتصاد وتفاقم مشكلة البطالة. يضاف إلى ذلك أن قطاعات الزراعة، والصناعة والبناء في تركيا تترنح تحت وطأة ديون ضخمة. وأردوغان استخدم قوة الجيش والشرطة من أجل تقييد المعارضة، ولكن حالة الطوارئ التي فرضها من أجل تحقيق ذلك جعلت المستثمرين الأجانب، وحتى كثيرين من المستثمرين الأتراك، حذرين من الاستثمار في تركيا.
لكل هذه الأسباب، من الممكن جداً أن ينتهز الناخبون فرصة الانتخابات الوشيكة من أجل توجيه رسالة إلى أردوغان. رسالة ستكون بصورة شبه مؤكدة سلبية.

* معلق سياسي ومحاضر في الصحافة - موقع «زي نت»