أنا وأمريكا.. الدداسن ليست حلا!

19-02-2019

من الأشياء التي تبعث الطمأنينة في نفوس المديونين والكادحين على «قفا» هذا الكوكب البائس معرفة أن حجم الدين العام في الولايات المتحدة الأمريكية قد تجاوز حاجز الواحد وعشرين تريليون دولار، والتريليون هو واحد يرقد على يمينه اثنا عشر صفرا. ومع هذا فإن أمريكا هي التي تتحكم باقتصاد العالم وتقدم نصائحها للدول والشعوب في المجال الاقتصادي، وهذه نقطة التقاء أخرى بيني وبين «أم العالم» فأنا أقدم النصائح المالية والاستثمارية لمعارفي وأصدقائي وأسخر كثيرا من الفاشلين المديونين المتعثرين ماليا. وكما تعلمون فكوني مديونا وفاشلا في المجال المالي ـ وغيره أيضا ـ فإن هذا لا يعني أنه ليس من حقي تقديم النصائح للآخرين.

المشكلة في حالة أمريكا أني لا أعرف بماذا يمكن أن أنصحها للتخلص من ديونها، أعرف شخصا يقسط السيارات بأضعاف أسعارها وإن كان هو سبب ديون أمريكا فالحقيقة أنها وقعت في ورطة لا يمكنها الخلاص منها.

الطريق المستقيم ليس خيارا جيدا لحل المشكلات المالية، ولذلك فإني أعكف هذه الأيام على قراءة قصص النصب والاحتيال، فهذه ثقافة مفيدة تنمي العقل وأشياء أخرى. وكنت عازما على أني حين أبلغ من هذا العلم مبلغا رفيعا فسأقدم خدماتي لأمريكا وغيرها من الذين يعانون من ذل الدين وهم الحاجة إلى المزيد من الأموال والقناطير المقنطرة من الدولارات. لكني وجدت أن كل الحيل والطرق التي استخدمها النصابون والمحتالون عبر التاريخ استخدمتها أمريكا أيضا بحرفية أكثر.

فأمريكا تبيع أشياء كثيرة لا تملكها، وتسوق على العالمين أفكارا لا تؤمن بها، وبطرق أكثر إبداعا وتميزا مما فعله النصاب الشهير «فيكتور لوستيج» الذي باع برج إيفل على أحد تجار الخردة.

الحل الآخر أن نبحث ـ أنا وأمريكا ـ عن الشخص المتميز الذي أقنع إحدى الوزارات السعودية بأن تدفع مقابل إدارة حسابها في تويتر مليونين من الريالات، وهو مبلغ أظن أني لو رأيته في المنام لوجدت ذلك كافيا لكي أدير وأشرف على حسابات جميع الوزارات والجهات الحكومية والقنوات التلفزيونية والصحف وأندية الدوري الممتاز وحسابات المعارضين والموالين والنسويات والنسويين والمحتسبين والمحتسبات. وسأجد بعد ذلك وقتا كافيا لأدير حسابي الشخصي وأشتم من خلاله كل أولئك مجتمعين.

لكن المشكلة أن أمريكا تفعل ذلك أيضا وتبيع الأشياء لأصدقائها وأعدائها بنفس الطريقة التي يدار بها حساب تويتر السالف الذكر.

وقد يقول قائل بأن هذا دليل على أن النصب ليس حلا مثاليا ليبتعد الإنسان أو الدولة عن الديون، وأن حجم الديون يتناسب طرديا مع حجم النصب والاحتيال. وهذا أمر مؤسف حقيقة، لكنه مجرد نظرية لن تمنعني من المضي قدما.

وعلى أي حال..

البعض يمقت اللصوص لأسباب تتعلق بالمبدأ، يكرهونهم لأنهم يكرهون فعلهم، وآخرون يكرهون اللصوص من باب الحسد، يكرهونهم لأنهم سبقوهم إلى المال. وأنا أكره اللصوص، لكني في الحقيقة لا أعلم إلى أي الفئتين أنتمي، لم يسبق لي السرقة ولكني لا أعلم ماذا سأفعل حين أجد أمامي فرصة لأكون فاسدا فاحش الفساد. أعطوني مليارا أجرب نفسي!

agrni@