الترفيه لكبار السن

18-02-2019

في إحدى الرحلات الخارجية، قابلت مجموعة سياح من كبار السن، كان من الواضح أنهم يقضون وقتاً ممتعاً ومستمتعين بإجازتهم إلى أقصى حد، تجاذبت مع أحدهم أطراف الحديث، قال لي إن هذه الرحلة التي تضم ثلاثين شخصاً متقاعداً، تقوم بتنظيمها حكومة بلاده، وهي جزء من برنامج للترفيه عن كبار السن والمتقاعدين، وذلك كبادرة امتنان لما قدموه للمجتمع، سواء أثناء عملهم طيلة السنوات الماضية، أو حتى أولئك الذين لم يقوموا بعمل وكان عطاؤهم للمجتمع متمثلاً في تربية الأبناء.

نحن نعيش الآن مرحلة انتعش فيها كثيراً قطاع الترفيه، وأصبحت له هيئة تعنى به، كجزء من خطة كبيرة تهدف إلى رفع مستوى جودة الحياة، لكن أجندة الترفيه، حسبما أعلم، لم تخصص فعاليات موجهة لكبار السن، رغم أنهم يمثلون شريحة كبيرة ومهمة، تستحق كل العناية.

المسنون ثروة ضخمة من الخبرات والقدرات الفكرية التي تراكمت على مدى سنوات طويلة، وللأسف يختار كثير منهم الانزواء بعد التقاعد، وممارسة روتين خانق للحياة، وهو ما يخلق لدى كثير منهم حالة من الإحباط والكآبة، ويجعلهم ذراعاً معطلة. وأحياناً يمتد أثر هذا النوع من نمط الحياة على أسرهم بشكل سلبي.

أعتقد أن هيئة الترفيه قادرة على الخروج بمبادرات خلاقة تنعش حياة كبار السن، وقد تتمثل بعض تلك المبادرات في مشروعات وقتية كتخصيص فعاليات تجذب اهتمامهم، أو تنظيم رحلات سياحية داخلية وخارجية وغيرها، أما الأهم في نظري، فهو تلك المشروعات المستدامة التي يتنامى أثرها بشكل يومي، وأقترح هنا العمل على مشروع لدعم جميع الأحياء بما يشبه الـ "ديوانيات" المعروفة في الخليج، تكون مكاناً لتجمع أهل الحارة من كبار السن، ويعين لهم عمال يخدمونهم، كما يمكن أن يلحق بتلك الديوانيات، مشروع تجاري صغير، كدكان أو مغسلة مثلاً، ويكون ريعها الشهري مخصصاً لخدمة الديوانية من مشتريات وصيانة وغيرها. وبالتالي لن تتسبب هذه الديوانيات بأعباء مادية على الدولة. من الممكن أيضاً تنظيم فعاليات تطوعية للتدريب والتعليم يتم من خلالها الاستفادة من خبرات المتقاعدين، ونقل معرفتهم للأجيال الشابة، إذ إن مثل هذا النشاط يعيد إليهم طاقة الحياة، كما تمنح الشباب نافذة مهمة يطلون منها على خبرات جديدة.

وأخيراً، الأفكار الخلاقة لضخ جرعة من الترفيه والمرح في حياة كبار السن، لا حدود لها، هنالك الكثير مما يمكن عمله وأعتقد أن من يقرر الأنسب في هذا المجال هم كبار السن أنفسهم، لذا علينا أن نستمع لهم، وأتمنى من هيئة الترفيه أن تفتح قناة تواصل معهم لتعرف ما الذي يدخل السرور على قلوبهم.