شبح اليأس

19-02-2019
شيماء المرزوقي

لا تسير الأمور في حياتنا وفق رغباتنا وتطلعاتنا، هناك دوماً عقبات وصعوبات، فلا نصل إلى مرحلة أو ننهي شوطاً من التحدي دون بذل جهد بالغ وكبير، لدرجة أنها تبقى ذكريات تدور في عقولنا عن تلك الصعوبات التي لا تمحى ولا تطمس ولا تزول لفترة من الزمن، نبقى نذكرها ونتحدث عنها كمفارقات مررنا بها، ونستعيد كل تفاصيل تلك العقبات التي كانت ستسقطنا، ولعل هذا ما يسمى بتراكم الخبرات، التي نكتسبها ونحصل عليها بعد مضي الكثير من العمر.

ما نواجهه في الحياة من مشقة وأقدار مؤلمة أو مؤسفة أو حزينة، هي واقع كل واحد منا سيصادفها ويعانيها، وتبقى صفات الصبر والحكمة في التعامل مع مثل هذه النوائب، هي المعدن الثمين الذي سيخرج من الروح والنفس ليعطر الحياة ويبث فيها روح لا تقبل التواني أو الانكسار.

إن كنت تتوقع أن تحقق النجاح الباهر والتفوق المنقطع النظير لمجرد أنك أمضيت ساعات وساعات في الاستذكار والدرس، فأنت مخطئ، لأنك تنسى جانباً مهماً وحيوياً يسمى التوفيق والتيسير، وأيضاً التسليم بقضاء الله وقدره.. ففي البعض من الأحيان يتوجه أحدنا نحو مجال من المجالات ويتعب ويبذل كل ما بوسعه ليتميز ويثبت وجوده وجدارته، ولكنه لا يوفق ولا ينجح فيتلبسه الإحباط والألم، وينمو لديه سؤال عن الخطأ الذي ارتكبه، أو عن سبب مثل هذا الإخفاق، وبعد فترة من الزمن يغير مجاله ويتوجه وجهة أخرى فيجد الأبواب وقد فتحت أمامه، ولمس كيف أنه يبدع ويبتكر في هذه البيئة، لكنه نسي ألم الأمس وحزنه وكل تلك الكآبة التي تلبسته، وفي نهاية المطاف كان الله يريد له طريقاً آخر ومكاناً أفضل.

إن كنت مجتهداً ومخلصاً ولا تجد صدى لكل ما تبذله وتعمله، فلا تحبط ولا تسمح لليأس بالتسلل إلى قلبك ولا أن ينال من روحك المعنوية، فالطريق طويل ومتشعب ومتعدد، فلا تعلم أين قد كتب الله نجاحك وتفوقك، المهم من كل هذا هو طرد شبح اليأس، الذي يتلبس الكثير من الفتيات والشباب وهم في مقتبل العمر، مثل ذلك الشعور المظلم الذي يحيط بالموظف المستجد الجديد وهو يرى أنه عبء على عمله، أو أن لا مكان له وسط أهل الخبرة والدراية، فيتراجع ويتغيب ويترك وظيفته.. عليكم بالصبر والمحاولة بتفاؤل وعزيمة لا تفتر، هذه طبيعة الحياة.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com