صراع «الجنرال» نتنياهو للفوز

19-02-2019
د. فايز رشيد

معروف عن بنيامين نتنياهو ضآلة خبرته العسكرية ، فهو أدّى خدمة العلم في الجيش لمدة عامين كأي «إسرائيلي»، ثم إنه من بين القلائل من رؤساء وزراء «إسرائيل» الذين لم يأتوا من خلفية عسكرية، كما معظم رؤساء الوزارات في دويلة الكيان. لذا، وفي ظل تشدید الخناق عليه في قضایا الفساد، وتوجیه المدعي العام أفیشاي ماندلبلیت، رسالة خطیة إلیه یبلغه فیها أنه استكمل ما یریده من الشهادات لیصدر قراره الذي سیحدد ما إذا كان نتنیاهو مداناً في تهم الفساد المتوقع تحویلها للقضاء.
من جانبه،حاول نتنیاهو استباق هذه الرسالة بمحاولة حمایة نفسه من أجل الدخول في الانتخابات المقبلة بوضع مریح یسمح لحزبه «اللیكود» بالسیطرة على اكبر عدد ممكن من مقاعد الكنیست، وتثبيته في منصبه. محاولة نتنیاهو وحزبه تركّزت في جانبين، الأول: استخدام صور جنود الاحتلال في الدعایة الانتخابیة في محاولة منه لإرسال رسالة للناخب «الإسرائیلي» تفید بأنه والجیش هما من يحميان «إسرائيل»، وأنه هو من یحمي الفرد «الإسرائیلي» ويحافظ على حیاته الیومیة ویمنح الشارع الأمن والاستقرار.
الجانب الثاني، كسر نتنياهو «سياسة الغموض» عندما تباهى مراراً بأن «تل أبيب» هاجمت أهدافاً إيرانية في سوريا، وأخرى ل»حزب الله»، ومنشآت سورية. وقد اتهمه بيني جانتس زعيم حزب «مناعة «إسرائيل»» بأنه كسر سياسة الغموض في كل ما يتعلق بالأنشطة الأمنية للجيش. وشدد جانتس خلال مؤتمر رؤساء الأركان لحزبه، وحزب «تيلم» على ضرورة أن يتوقف رئيس الوزراء عن نشر أنشطة الجيش «الإسرائيلي» ورأى أن «مثل هذه الأعمال يمكن أن تعرض جنود الجيش «الإسرائيلي» للخطر .
وإزاء خطوة نتنياهو هذه، وفي محاولة من لجنة الانتخابات المركزیة وضعْ المؤسسة العسكریة على الحیاد ، أصدر رئیس لجنة الانتخابات المركزیة «الإسرائیلیة» القاضي حنان میلتسر قراراً یحظر على حزب اللیكود نشر صور لجنود الاحتلال ضمن الدعایة الانتخابیة، سواء للحزب، أو لرئيسه نتنیاهو. في حین تصاعدت الانتقادات في صفوف قادة الجیش لرئيس الوزراء.
خلف هذا الحراك لضباط الجيش ظهرت أقوال تتهم نتنياهو بالمنافسة على مكانة «القائد العسكري»، وهذا ليس من حقه، ولا يجوز له مطلقاً. ومعروف أن الاستطلاعات تمنح القوة الثانیة للحزب الذي یرأسه رئیسا أركان أسبقین. قرار رئیس لجنة الانتخابات المركزیة جاء في أعقاب توجه حزب اللیكود بطلب نشر شریط فیدیو دعائي یظهر فیه نتنیاهو برفقة جنود احتلال في أحد معسكرات الجیش.
ولم یترك نتنیاهو هذه القضیة جانباً، بل نشر شریط فیدیو یتباهى فیه بقوة جیش الاحتلال، وعلّق عليه: إنه یظهر في الشریط وحده «لأن هناك من قرر حظر نشر صور جنود، وأنا لا أفهم طبیعة هذا الحظر»، وقال هذا بلهجة استخفافیة. محللون سياسيون وعسكريون «إسرائيليون» أجمعوا في تعليقاتهم على أن نتنیاهو أقدم على مجاهرة كهذه لغایات انتخابیة. وقال المحلل العسكري في صحیفة «هآرتس» عاموس هارئیل «إن الجیش يبذل جهوداً في الأسابيع الأخیرة من أجل إعادة ستار الضبابیة على السیاسة الهجومیة «الإسرائیلیة» في سوریا»، وأضاف، إن ضباطاً كباراً في جیش الاحتلال رفضوا الإجابة عن أسئلة حول الهجوم الأخیر على سوریا، على الرغم من تصریحات نتنیاهو. وكما یظهر فإن في ما أورده هارئیل هو انتقاد مبطن من قیادة جیش الاحتلال لتصرفات نتنیاهو. واستطرد هارئیل، أن إیران و»حزب الله» یعرفان تماماً مصدر الهجمات على مواقعهما في سوریا، ورغم ذلك فإن الجیش «الإسرائیلي» یفضل البقاء على الضبابیة.
وكما ذكر فإن في خلفیة حراك نتنیاهو هذا هو قائمة «مناعة «إسرائیل»» التي تعطیها استطلاعات الرأي القوة الثانیة بعد اللیكود، أي ما بین 21 و24 مقعداً مقابل 27 إلى 30 مقعداً لحزب اللیكود. وقد أسس حزب «مناعة «إسرائیل»» رئیس الأركان الأسبق بیني جانتس. وبعد الإعلان عن حزبه وتشكیل قائمته الانتخابیة ضم إلیه حزباً آخر أقامه سلفه في المنصب ووزیر الحرب الأسبق موشیه یعلون لیحتل المكان الثاني بعد جانتس مباشرة.
لقد انعكست تركیبة قائمة الجنرالين على نتائج الانتخابات الداخلیة في حزب اللیكود، إذ حل في المكان السادس المنتسب حدیثاً للحزب الجنرال احتیاط یوآف جالانت الذي كان مرشحاً لتولي رئاسة الأركان قبل سنوات قلیلة. جملة القول، إن القادة «الإسرائيليين» الذين يتحدثون عن «طهارة» جيشهم لا يأنفون من استعماله كدعاية انتخابية.. وهذا ما فعله، ويفعله نتنياهو من أجل الفوز.

Fayez_Rashid@hotmail.com