تأييدا للخارجية الكويتية في وارسو

18-02-2019

زيد الجلوي

الكيان الصهيوني هو الاسم المعتمد لدينا حتى يقبلوا بحل الدولتين، لنعتمد اسم إسرائيل في تعاملنا معهم، لأن أي تراض لن يكون على حساب دموع الأشقاء الفلسطينيين. هذا موقف ثابت من قبل الكويت، الذي تلتزمه ولم تحد عنه خارجيتها، في وارسو أو غيرها.
وعلى القوى السياسية الكويتية ألا تكون كنظيراتها التونسية والأردنية، وهي قوى دائما ما تعتقد أو تتوهم أن عليها دوراً كبيراً يجب القيام به، تجاه القضايا القومية والدينية. وكأنها تعبر عن رفضها لغمورها مقارنة بغيرها من القوى السياسية في العواصم العربية الكبرى، وإنها ليست بالشأن الأقل منها، في ما يشبه المزايدة غير المستحبة. وكأنما يتم تأليبها من قبل قوى تلك العواصم، لنيل استحسانها عليها أولأنها ليست قادرة على إسماع صوتها، بسبب ما يمكن أن تواجه به من إجراءات أمنية، أو ما فسر بأنه مزايدات من جانبها على قوى العواصم العربية في العراق ودمشق والقاهرة وغيرها من الدول كبيرة المساحة.
فهذه القوى السياسية في البلدان العربية الصغرى، عليها أن تتعظ بما جرى في لبنان، والذي تسبب ليس في وفاته فقط، وإنما في إعادة إحيائه وتعذيبه حتى الموت، وهكذا حتى وقتنا المعاصر، حيث لم تعد بيروت عارفة ما إذا كانت من الأحياء أم محسوبة على الأموات. “كرمال” نظرة استحسان من جانب الحزب السوري القومي، أو رضى من قبل حزب البعث السوري، أو غيرهما من الأحزاب العربية في الجمهوريات العربية.
لمثل إخواننا هؤلاء في القوى السياسية، أن لا يكونوا سببا لاستعداء القوى العظمى على الكويت. فكل موقف مضاد لوجود الكيان الصهيوني ضمن التحالف الجديد يصب في مصلحة إيران، التي علينا إعطاء الأولوية لصراعنا معها، لما تمارسه من تطهير عرقي بحق العرب والايرانيين والإنسانية. فكأنما القوى السياسية المستهجنة والرافضة لوجود، السيد خالد الجار الله في وارسو بذات الصورة التي جمعته مع الصهاينة تعني تطبيعا وشهادة وفاة للقضية الفلسطينية، التي يعرف الغرب بأن حلها يجب أن يكون عقلانيا، كي لا تترك ثغرات يتم استغلالها في تقويض مستقبلي، إذا ما تمت لعملية السلام التمام.
فهناك استغلال من قبل المعممين وغير المعممين للقوى السياسية في الكويت والأردن وتونس،نتج عنه تمكين هذه العقليات المعادية من جعل الساحة الكويتية هاتفا لإرسال رسائل مخابراتية لأطراف معينة، كالأميركان مثلا من دون أن يعرف اسمها. وكأننا رقم هاتف أجنبي يستعمل في حساب “تويتر” من بلد أجنبي يغرد بعبارات تخدم عواصم تلك البلدان الباغضة لأي تحول ديموقراطي وأي سلم في الشرق الأوسط.
فنحن في الكويت حلفاء للأميركان من خارج “الناتو” والتحالفات تفرض علينا بذل مزيد من العطاء، فمن عنده فائض من مال يجود به، ومن عنده فائض من رجال يجود به، حتى يواجه الحق الباطل ويدمغه، ويقضي على الشر. فالفارق بين الاحتلال الصهيوني والإيراني كبير، ولو خير الفلسطينيون ما بين وجود قوات إيرانية لحمايتهم أو بقاء الصهاينة فإني أكاد أجزم بأنهم سيفضلون احتلال الصهاينة على حماية الحرس الثوري لهم. وهي مفاضلة أوجدها الملالي في طهران، بسبب طمعهم وتوظيفهم لأحقاد الماضي، وكل حقد في سبيل بقائهم في السلطة، لأن يكون المسلمون والعرب منهم تحديدا، يفضلون حلفا فيه الصهاينة على إسلام أبوعزرائيل في العراق، وحسن نصر الله في لبنان.
لقد أرسل أقباط مصر إلى خليفة المسلمين لإنقاذهم من ظلم الكاثوليك إخوانهم في المسيحية. وديون المسلمين على اليهود ليست قليلة، عندما كانوا ينقذونهم من المجازر. فقد كانوا دائما في سرهم يحنون عليهم كأنهم أخ أصغر أخذه الطيش بعيداً، وينتظرون عودة الرشد إليه.
فأي تحميل للكويت بمواقف لا تقوى عليها غير مستحب، ولو كان من رئيس مجلس الأمة، فأكبر رساميل العالم بأيد يهودية، ولهم كلمة مسموعة لدى المخططين للسياسات الأميركية الذين لولا تخطيطهم لما كانت الكويت تحتفل حاليا بمناسبة تحريرها الـ 29. ما يدعونا إلى الطلب من القوى السياسية الكويتية أن تكف على الأقل عن استنكاراتها التي لا تنفع بقدر الذي تضر فيه. فالإسرائيليون مهما بلغ العداء بينهم وبين العرب، يبقون عدوا عاقلا ليس كالمعممين، أعداء وجهلاء.

كاتب كويتي