نظام ساهر.. حان تطويره

16-02-2019

في صيف 2011 كنت عائدا في ساعة متأخرة من الليل لمنزلي في مدينة بلومنقتون بولاية إنديانا الأمريكية، وهي الجامعة التي يعرفها كثير من السعوديين، خاصة الأكاديميين المخضرمين في التسعينات والثمانينات، وقد بنى مسجدها - اليتيم - السعوديون على شارع كليفتون. متجها وقتها للشرق على الطريق الثالث 3Ave، حيث المسجد على الجهة اليسرى، بينما حرم الجامعة برمته على الجهة اليمنى، وأمامي إشارة مرورية صفراء فاقع لونها، ولأنها ساعة متأخرة من الليل، والمدينة شبه ميتة، تجاوزت الإشارة كسلا بعد احمرارها، وظنا أنه لا أحد هنا، لأنها فعلا مدينة صغيرة، تحيا على الطلاب خلال الفصلين الدراسيين، وتموت تماما في الصيف، فما بالك في ساعة متأخرة جدا من الليل، إذ ظننت أني الوحيد في المدينة!

وما إن تجاوزت الإشارة حتى قطع ظلام الليل الدامس ألوان وكشافات سيارة الشرطة خلفي، والتي صممت بشكل يثير الرعب! توقفت، واقترب الشرطي قائلا: الرخصة والاستمارة، وبعدها بدقائق عاد لي قائلا: هل تعلم أنك ارتكبت مخالفتين، السرعة وقطع الإشارة! قطعت الإشارة وهي حمراء، وتجاوزت السرعة النظامية للشارع. عادة - أردف الشرطي - هذه مخالفات لا أسمح بها، ولكن يشفع لك أن لديك تاريخا مروريا ناصعا، ولم تسجل عليك أي مخالفات، لهذا السبب فقط سأسامحك اليوم، ولكن سأضع في النظام لدي (إنذار) مدته شهر، لو ارتكبت مخالفة أخرى خلال 30 يوما، فـ (يا ويلك ويا سواد ليلك)، والأخيرة إضافة ضعيفة من راوي القصة، لم ترد على لسان العسكري!

نظام المخالفات في العالم هدفه الرئيس تعديل السلوك وليس جمع المال!

نظام ساهر كنت ولا زلت من أكبر الداعمين له، لأنه فعلا قلل نسبة السرعة في السعودية، ولأنه فعلا قلل نسبة الحوادث، ولكن بعض الممارسات في الفترة الأخيرة جعلته يبتعد نوعا ما عن هدفه الرئيس وهو تعديل السلوك، ليقترب من الكسب المالي فحسب. شرطة دبي قبل أيام أطلقت حملة واسعة بأن من يمر عليه سنة كاملة دون مخالفة

تسقط عليه جميع المخالفات، ومن يمر عليه 3 أشهر دون مخالفة يسقط عنه 25%، وستة أشهر دون مخالفة تخولك بخصم 50%، وتسعة أشهر بـ 75 %! هذه خطوات هدفها فعلا تعديل السلوك!

أمر آخر لا بد من تعديله في ساهر السعودي، وهو أن يكون المركز المختص في الاعتراض على القضايا المرورية منفصلا عن المرور بالكامل، إداريا وماليا، كما هو معمول به في شتى دول العالم. من غير المقبول أن تكون أنت الخصم والحكم!

ختاما، هل يعقل بالمرور الذي يتبع لوزارة الداخلية، أفضل وزارة تقنيا وصاحبة المعجزة لبرنامج أبشر، أن يكون رفع البلاغات ورقيا وحضوريا لفرع المرور؟ فكروا فيها قليلا.

mhathut@