الجامعات الخاصة في الكويت تجارة مربحة

16-02-2019

حسن علي كرم

شهدت بعض البلدان العربية، مثل مصر ولبنان انشاء جامعات اجنبية على أراضيها منذ زمن طويل، من اهم وأولى هذه الجامعات الجامعة الاميركية، الأشهر قاطبة في المنطقة العربية، ولنا في الكويت بعض طلبة الخمسينات من القرن الماضي الذين التحقوا بتلك الجامعات وتخرجوا فيها، مثل الدكتور احمد الخطيب الذي درس الطب في الجامعة الاميركية في بيروت.
لعل وجود جامعات اجنبية على ارض غير ارضها تشي بدلالات اخرى، ربما سياسية او ثقافية، فالاميركان،على سبيل المثال،غزوا الشرق الاسلامي مبكراً من خلال نشر الثقافة، كإنشاء الجامعات والمدارس والمستشفيات، فيما الإنكليز والفرنسيون احتلوا البلدان، لكنهم لم يخدموا مستعمراتهم بشيء، اي اخذوا اكثر مما منحوا.
الكويت كانت احدى البلدان المحمية من قبل التاج البريطاني، لم يفتح الإنكليزفيها مستوصفاً اومدرسة اوملحقية تجارية اوكنيسة. بينما الإرسالية الاميركية، وهي إرسالية دينية كاثوليكية أنشأت مستشفى وكنيسة، وكان الهدف، الى جانب نشر النصرانية، خدمة المواطنين صحياً، والحديث في هذا يطول، لكن يبقى القول ان منطقة الخليج التي انتبه لاهميتها الستراتيجية الاستعماريون مبكراً، الا انهم لم يخدموا شعوبها، وكان ديدنهم الوحيد مصالحهم الاستعمارية الى ما وراء البحار.
الكويت مثلاً كان بالإمكان ان تكون في وضع اقتصادي ونهضوي افضل مبكراً، لو ان الإنكليزاحترموا اتفاقية الحماية، لكنهم وضعوا نص الاتفاقية في خزينة التاج الملكي وأغلقوا عليها متجاهلين شروطها، وراحوا يفصلون شروطاً بما يتوافق مع مصالحهم، لأنهم قدموا مصالحهم،في فترة الحرب العالمية الاولى، على مصالح الكويت.
شهدت الكويت منذ منتصف الستينات من القرن الماضي مدارس خاصة، وغالبيتها كانت عربية، وتجارية بقصد الاستثمار، لا سيما بعدما رفعت وزارة التربية يدها عن تعليم ابناء الوافدين.
هذه كانت بداية بث بذور انشاء الجامعات الخاصة، خصوصا في العقدين اوالثلاثة الاخيرة التي تدهور فيها التعليم الحكومي الى مستوى كارثي ما دفع غالبية اولياء الامور لإلحاق ابنائهم في المدارس الخاصة،وبخاصة الاجنبية. واذا كان التعليم العام متدهورا فالامرالطبيعي تدهور التعليم الجامعي، لذلك فتحت التراخيص للجامعات الخاصة، على اساس انها اجنبية، وذات مستوى علمي وتعليمي وتقني لا يقل عن الجامعات الام، لكن السؤال: هل حقاً الامر كذلك؟
دعونا نقرأ اللقاء الموسع الذي اجرته احدى الصحف الزميلة مع الأمين العام لمجلس الجامعات الخاصة الدكتور حبيب أبل، لم ينس السيد الأمين العام ان يشيد بمستوى الجامعات الخاصة، وحرص مجلس الجامعات على اختيارات الجامعات الاجنبية التي تتم الموافقة على افتتاح فروع لها في الكويت، بحسب قول السيد الأمين العام هناك 12 جامعة خاصة تمنح درجتي البكالوريوس والدبلوم، مضيفاً ان العدد غير كاف (؟؟؟) ويتم حالياً الاستعداد لافتتاح جامعة جديدة بتخصصات الفندقة وادارة الموارد البشرية، هذا فضلاً عن صدور ثلاثة مراسيم جديدة لإنشاء جامعات خاصة، وان اجمالي طلبة البعثات الداخلية 22 الفا، فيما بلغت الجامعات الطاقة الاستيعابية، كل ذلك لأن جامعة الكويت اليتيمة والتعليم التطبيقي لم يعودا يتسعان لاستيعاب طلبة جدد، وبالتالي باتت الجامعات الخاصة بديلة عن الدولة لتعليم الأبناء، و لكن بأموال من خزينة المال العام.
و هذا ما يدفعنا للتساؤل: هل كان التقاعس عن بناء جامعات حكومية مؤامرة لإنشاء جامعات خاصة، وهل الجامعات الخاصة مؤسسات تعليمية موثوقة حتى تخرج طلبة مؤهلين للانخراط في سوق العمل، ام هم كما طلبة الجامعة اليتيمة تخريج كتبة، وموظفو درجة سابعة، لكن بصك خريج جامعي؟
لا أظن ان يغيب عن اذهان التربويين والتعليميين تراجع مستوى التعليم في الكويت، حتى غدا ترتيب الكويت دولياً يقترب من نهاية السلم، وهذا بحد ذاته كارثة لبلد ثري، يصرف مليارات على التعليم، لكن بلا نتيجة. وهل رفعت الجامعات الخاصة من مستوى التعليم الجامعي؟
السؤال الأهم: كيف نجحت الجامعات الخاصة في بلد مثل قطر التي تتربع على الترتيب الاول عربياً، والامارات الثانية، فيما الكويت تقبع في بير السلم، ماذا يفيد الكويت تكديس جامعات اجنبية في حين لا تضيف الى المجتمع ابتكارات وعلوما جديدة ولا خريجين متميزين؟
الكويت ليست بحاجة لمزيد من الدكاكين التعليمية ما يسمى الجامعات الاجنبية، واحسب ان الجامعات الخاصة موضة كالمستشفيات الخاصة، التي تتعامل مع المرضى كسلعة تجارية مربحة، لذلك لا ينبغي التركيز على التعليم الجامعي، وتناسي التعليم الصناعي.
هناك فائض في المخرجات الجامعية وغالبيتها كليات نظرية، فيما هناك نقص شديد في التخصص الصناعي والعلوم الحديثة.
ان تدهور التعليم العام والجامعي ناتج من التدهور الاداري للدولة، ما يعني ان الاصلاح ينبغي ان يطول التعليم اولاً والادارة تالياً، فالتعليم الجيد يفضي للإدارة الجيدة.

صحافي كويتي