لماذا أنا معجب برئيس الولايات المتحدة الأميركية

16-02-2019

خلف الحبتور

رغم كل السجال الذي يحيط برئاسة دونالد ترامب ويُلقي بثقله عليها، إلا أنه مما لا شك فيه قد وفى بالجزء الأكبر من الوعود التي قطعها للشعب الأميركي. فقد صمدَ في وجه الهجمات المستمرة من خصومه السياسيين والإساءات من وسائل الإعلام المتطرفة في عدائها له، وتمسّك بمواقفه مدفوعاً بعزمه على تحقيق هدفه بجعل بلاده أكثر عظمة من أي وقت مضى.
تحت هذا الوابل من الانتقادات، وفي مواجهة خونة داخل معسكره يلهثون خلف إبرام صفقات مشبوهة، كان ضعفاء النفوس لينهاروا ويستسلموا. لكن ترامب ليس منهم، فقد ثابر بكل شجاعة وإقدام تارِكاً لإنجازاته المدهشة أن تتحدث عن نفسها.
سواء كنت معجباً به أم لا، هذا الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية هو شخصية فريدة لا نظير لها. هو ليس من الطينة السياسية نفسها التي ينتمي إليها أسلافه. ولا يتقن الكلام الديبلوماسي. والمقاربة غير التقليدية التي اعتمدها في تعاطيه مع المنصب الأول في العالم لم تحظَ على الفور باستحسان الجميع.
لقد اتّهمه منتقدوه بأنه يفتقر إلى الخصال الرئاسية، لكن هؤلاء ليسوا معتادين على رؤية قائد ينأى بنفسه عن الكلام المنمّق، أو الصوابية السياسية، قائد يقول ما يضمره ويقرن القول بالفعل. هذه هي الموهبة التي يتمتع بها والتي تُميّزه عن جميع الرؤساء الآخرين الذين تعاقبوا على المكتب البيضاوي.
يمتلك ترامب القدرة على اتخاذ قرارات استناداً إلى قناعاته الشخصية حول ما يعتبره عين الصواب. فهو ينصاع لِحِسه، ورغم أنه يصغي إلى مستشاريه ورؤساء الأجهزة الاستخبارية، إلا أنه غالباً ما يتمسّك بمواقفه. أردّد دائماً أن القائد الحقيقي هو مَن يتحلى بالشجاعة الكافية لاتخاذ قرارات صعبة رغم كل الصرخات الصادرة عن المعارضين، في حين أن القائد الذي يسكنه هاجس الخوف من المعترضين على سياساته يصبح أسير التردد ويكون مصيره الفشل.
لا أنفكّ أتعلّم دروساً وعبَراً من قرارات ترامب وإنجازاته الجريئة، ويراودني شعورٌ بالسرور لأنني منحته ثقتي في مستهل حملته الانتخابية في الوقت الذي استخف به الآخرون معتبرين أنه مجرد مهرّج حظوظه بالفوز معدومة. وقد برهن أنهم جميعاً على خطأ.
لقد ردّدت، طوال سنوات، أن أميركا بحاجة إلى رئيس يكون صاحب شخصية قوية، ويُفضَّل أن يكون من رجال الأعمال، وليس من فئة المحامين أو الأكاديميين الذين نستشفّ لديهم عادةً غُلوّاً في التفكير. وقد أثبتت النجاحات المتنامية التي يحققها ترامب أنني كنت محق.
لقد استغرقَ بعض الوقت ليتأقلم مع دوره الجديد، لكنه نجح في ذلك على نحوٍ مبهر. وخطاب”حالة الاتحاد” أمام الكونغرس لم يكن قوي الوقع فقط لناحيتَي مضمونه وأسلوب ترامب في إلقائه، بل كان أيضاً من الخطب الأكثر إلهاماً في التاريخ الأميركي، وكان الهدف منه دفع الجمهوريين والديمقراطيين إلى رصّ صفوفهم للعمل معاً من أجل الصالح العام.
في الواقع، وما خلا استثناءات قليلة، هبّ المشترعون وقوفاً في مرات كثيرة وعلا التصفيق له في القاعة.
فقد قال ترامب في كلمته:” ليس النصر تحقيق الفوز لحزبنا، بل النصر هو تحقيق الفوز لبلادنا. يأمل كثرٌ بأن نحكم كأمةٍ واحدة…علينا أن نختار بين العظمة والتعطيل”.
إنه لأمرٌ معيب حقاً أن بعض الديمقراطيين مصممون على الإطاحة به، بدلاً من الاعتراف بإنجازاته عندما يكون هذا الاعتراف مستحَقاً. يمتلك الرئيس السابق باراك أوباما لساناً معسولاً وأسلوباً منمّقاً، لكن ترامب بذل مجهوداً أكبر بكثير لتحسين حياة الأمريكيين وسبل معيشتهم.
كان لآخر خطابَين له صدىً طيّبٌ عندي، وأعتقد أنهما تركا الوقعَ عينه في نفوس عدد كبير من غير الأميركيين أيضاً. لدى إصغائي إلى الرسائل التي وجّهها من القلب إلى الحشود الشديدة الحماسة في مدينة آل باسو، لمستُ فيه وطنياً عظيماً، رجلاً شغوفاً يتفانى من أجل تقديم الأفضل لبلاده وأبناء شعبه بغض النظر عن ميولهم السياسية. لقد ظهر في صورة الشخصية الموحدة، والرئيس الذي عقدَ العزم على تحسين المستويات المعيشية لجميع الأميركيين، والقضاء على الإجرام، وتحقيق الأمان لشعبه داخل حدود البلاد.
لقد حان الوقت ليفتح المشكّكون أعينهم على نطاق واسع. لا عيب في أن يُقرّ المرء بأنه على خطأ عندما يواجَه بحقائق واضحة لا لبس فيها.
تشهد الولايات المتحدة واحدةً من أكبر الطفرات الاقتصادية التي عرفتها في تاريخها. فقد حطّمت البورصة الأرقام القياسية، واستُحدِث ما يزيد عن 5.3 مليون فرصة عمل، وتُسجّل البطالة أدنى مستوياتها منذ أكثر من خمسين عاماً.
تتدفق الشركات للعمل على الأراضي الأميركية، بدفعٍ من التخفيضات الضريبية والتسهيلات التي أُدرِجت في القوانين والأنظمة التي كانت تتسبب سابقاً بالشلل والعرقلة. وللمرة الأولى، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج النفط والغاز الطبيعي، وكذلك في موقع المصدِّر الصافي للطاقة. قال ترامب عن حق:” تحدث معجزةٌ اقتصادية، ولا شيء يمكن أن يوقفها إلا الحرب والسياسة والتحقيقات الحمقاء”.
في رأيي، من الأجدى بالمشرعين أن يستثمروا وقتهم ومجهودهم في إنجاز العمل المهم المطلوب، بدلاً من أن يهدروا الوقت في محاولة نبش القبور للإيقاع برئيسٍ ناجح. فهذه الممارسات تتسبب بانقسامات مُضرّة وتُقدّم مادةً دسمة لنافثي السموم عبر وسائل الإعلام والذين يسوقون تحاليل وآراء لا أساس لها من الصحة.
في المضمار الاجتماعي، تعمل إدارة ترامب على الاستثمار في إيجاد علاجات لفيروس نقص المناعة المكتسبة(أيدز)، وسرطان الأطفال، وتسعى إلى تصحيح قوانين الأحكام القضائية التي تنطوي على تمييز مجحف بحق الأميركيين الأفارقة. وقد تحرّر نحو خمسة ملايين أميركي من اعتمادهم على القسائم الغذائية.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، أثبت ترامب أنه مفاوِضٌ قوي مستعد للمجازفة من أجل تحويل التحديات الصعبة نجاحات. فقد ساهم في تحويل الحاكم الديكتاتوري في كوريا الشمالية كيم جونغ-أون من رجلٍ يُهدّد مناطق أميركية بالإبادة النووية إلى شخصٍ يُصنّفه الرئيس الآن في خانة الأصدقاء. وقد كان تهديده بإطلاق العنان للنار والغضب بمثابة نداء يقظة لا يُنتسى.
قال معبِّراً عن عميق حزنه لفقدان 7000 عنصر عسكري وإصابة 52000 بجروح في أفغانستان والعراق:” الدول العظمى لا تخوض حروباً لا تنتهي فصولاً”. وهو عازمٌ الآن على السعي إلى إيجاد حلٍّ سياسي في أفغانستان، وسحب القوات الأميركية من سورية بعد تحرير آخر الجيوب الخاضعة لسيطرة إرهابيي تنظيم “داعش”.
أخيراً، أقدّر كثيراً مواقفه ضد “النظام الإيراني المتشدّد” الذي يصفه عن حق بأنه “الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم”، والتي باتت تنزف الآن بسبب العقوبات الأميركية الصارمة. وقد تعهّد ترامب:” لن نشيح بعيوننا عن نظامٍ يهتف الموت لأميريكا…”، مطمئِناً الأميركيين أنه لن يسمح أبداً للملالي بحيازة أسلحة نووية.
لا أحد مثالي، وأنا من أشدّ المؤمنين بأن قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل قبل نقل السفارة الأميركية إلى هناك، كان خطأً فادحاً في التقدير من جانبه. ننتظر بصبر تفاصيل خطة السلام التي وعد بها.
لكنني أنصح الناخبين الأميركيين بعدم التفريط به سنة 2020. ففي نظرةٍ سريعة، مَن هو الشخص المناسب للحلول مكانه، مَن غيره يمتلك ما يتحلى به هو من شجاعةٍ وشفافية؟ فاز ترامب في الانتخابات لأن الأميركيين سئموا من الوجوه القديمة نفسها ومن أكاذيبهم المنمّقة. أرادوا رئيساً مختلفاً وقد تحققت أمنيتهم بكل ما للكلمة من معنى.
لقد بدأ السباق. ارتفعت نسبة التأييد لترامب إلى 52 في المئة نتيجة التفاعل مع خطاب حالة الاتحاد، وفقا لاستطلاع رأي أجرته “راسموسن ريبروتس”.
تتوسع الحلبة يومياً، لكن إذا استطاع التمسك بأسلوبه الناجح، فقد يكون، مرةً أخرى، أول الواصلين إلى خط النهاية. سخروا منه في السابق مستهزئين، إنما، ووفقاً للقول المأثور، يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً.