حرية الإرادة

16-02-2019

في العالم الخارجي أو المادي، نعلم جميعا قاعدة قانون السبب والتأثير، أليس كذلك؟ أنت تعرف الشخص (أ) يتصرف مع شخص (ب) بالقوة (س). قانون السبب والنتيجة هو القانون الذي يربط العلاقة بين حادثتين أو حالتين تكون إحداهما سببا للأخرى، والأخرى نتيجة للأولى. ويسمى أيضا السببية لأنه ينطبق على كل شيء تقريبا.

فكر في الأحداث والأفكار في عالمك العقلي، ما الذي يسبب أفكارك؟ بعض أفكارنا لها عوامل خارجية، مثلا عندما نلمس شيئا ونكتشف فجأة أنه ساخن، نحن لا نفكر لو كنا سنسحب يدنا، لقد أطلق دماغنا بالفعل تعليمات للقيام بذلك لا إراديا ولم نختر القيام بذلك. هنالك فئة ثانية لأفكارنا؛ لنفترض أنك تفكر في تقديم عرض في عملك، يزداد ضغط دمك ومعدل ضربات قلبك، بمجرد التفكير لا شيء خارجيا يوثر عليك. أريدك أن تفكر في فئة ثالثة من أفكارك، إنها اختياراتك الواعية، شيء بسيط مثل اختيار المكان المناسب لتناول الغداء.

عندما تتأمل في تفكيرك، هل تعتقد أنك المسؤول عنه؟ هل تعتقد أن كل أفكارك لها أسباب خارجية خارجة عن إرادتك أم تعتقد أنك تتحكم في بعضها إن لم يكن معظمها؟ دعنا نعد إلى مثال الغداء؛ أين تريد الذهاب لتناول طعام الغداء؟ إذا كان العقل نظاما جسديا شاملا من العصبونات والمشابك فلن تكون أنت الذي يختار على الإطلاق.

عمليات التفكير الخاصة بك هي في الأساس مجرد سلسلة معقدة من اصطدام الالكترون، هل صحيح أنه شيء يمكن فهمه بشكل شامل من حيث الفيزياء والكيمياء؟ لا يوجد «أنت» ولهذا إذا كنت مجرد عقل سوف تكون مجرد آلة مادية أو كمبيوتر مبرمج معقد جدا. ولكن إذا كنت أكثر من ذلك عندما أسألك أين تريد أن تذهب لتناول الغداء سوف تبدأ تقييم أفضل طعام لديك ووقت التنقل، ستزن مجموعة أسباب لاختيارك.

حتى لو كنت خبيرا

في الدماغ وتعرف ما يحدث مع كل الكترون في دماغ شخص ما في لحظة معينة ومحددة فلن يكون لديك أدنى دليل حول ما يحدث داخل ذهن ذلك الشخص. يمكن للجراحين الوصول إلى عقلك ولكن يمكنك أنت فقط الوصول إلى ذهنك، مما يجعلك إنسانا وليس آلة. علم النفس ودراسة العقل لا يمكن اختزالهما في الفيزياء والبيولوجيا والكيمياء، ومع ذلك العديد من الماديين الذين يعتقدون أن المادة الجسدية هي الواقع الوحيد بما في ذلك كل فكرة وشعور وإرادة يفسر تماما من حيث المادة في الحركة ببساطة الظواهر الفيزيائية. يعتقد هؤلاء أننا لسنا أكثر من الروبوتات وأن الإرادة الحرة «هي» و«هم».

لماذا يعتقدون ذلك؟ لأنهم يفهمون أنه في اللحظة التي يعترفون فيها بوجود الإرادة الحرة، فإن هناك حقا ما وراء العالم المادي، وأن هناك بالفعل عقلا، وليس مجرد دماغ، إذن يجب أن يكون هناك شيء غير مادي يفسر العقول غير المادية. الآن عندما تمارس إرادتك الحرة وتختار التفكير في كل هذا ربما ستفكر مثلما فعلت بأن هناك عقلا عظيما يفسر أصل عقلك. مرة أخرى، هذا هو اختيارك إنه دليل على إرادتك الحرة.