السيناريو العراقي في فنزويلا

16-02-2019
د. حسن مدن

سنجاري القائلين إن الرئيس الفنزويلي مادورو ديكتاتور. حسناً؛ هو كذلك، وإن شعبه يطمح إلى الحرية، وهذا حق مشروع له، ولكل الشعوب المبتلاة بالاستبداد والديكتاتورية.

لكن هل كونه رئيساً غير ديمقراطي يبرر لواشنطن وحلفائها في الغرب العمل على زعزعة الاستقرار في البلاد، والتدخل لإسقاط نظامه؟ وهو نظام يحظى، بالمقابل، بدعم قطاعات أخرى من الشعب كارهة لتدخلات واشنطن والغرب في شؤون بلادهم، ومدركة أن رحيله لن يجلب لها الرفاه.

ما أكثر البلدان ذات الأنظمة المستبدة في آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وبالتالي هل على واشنطن والعواصم الغربية شن الحروب على كل هذه البلدان بحجة إقامة الديمقراطية؟

لن نتحدث عن «إسرائيل» المدللة من الغرب، والمباح لها أن ترتكب من الفظائع ضد الفلسطينيين والعرب ما تشاء، فلا أحد في الحكومات الغربية سيرفع صوته محتجاً، وإنما نتحدث عن أنظمة أخرى ينطبق عليها ما ينطبق على نظام مادورو، مع أن أغلبية هذه الأنظمة لا تملك القاعدة الشعبية المؤيدة كتلك التي يملكها، رغم عدم ديمقراطيته.

سنوافق أيضاً على أن الوضع المعيشي للشعب الفنزويلي صعب للغاية، فهو يعاني الفقر، وضنك العيش، رغم أن في البلد من الثروة النفطية ما يزيد على مثيلتها في البلدان المنتجة للنفط في القارات الثلاث، وربما يكون لسياسات مادورو دور في ذلك، لكن كيف لنا أن ننسى الحصار الاقتصادي المفروض من واشنطن على فنزويلا، وهو حصار يحول بينها وبين تصدير ما في جوفها من ثروات نفطية؟

ثم لماذا هذا النقاش الافتراضي الذي يبدو عبثياً بالنسبة إلينا نحن العرب خاصة، ألسنا أمام تجربة عيانية ملموسة، ما زالت تجر أذيالها بكل مرارة؟

كان صدّام حسين ديكتاتوراً، وكانت قطاعات واسعة من العراقيين تريد لنظامه أن يرحل، لكن الوضع في العراق تردى في السنوات الأخيرة لحكمه بسبب عامل آخر لا يقل أهمية عن طغيانه، هو الحصار الجائر الذي فرض على العراق، فاختفت فيه حتى الأدوية.

إنه الحصار نفسه المفروض على فنزويلا اليوم، الذي أفقر الشعب العراقي، حتى حانت لحظة غزو البلاد بالحجج ذاتها التي تروج اليوم لتبرير التدخل الأمريكي المتوقع في فنزويلا.

احتل الأمريكان العراق، وأسقطوا صدّام حسين، لكن أين هي الديمقراطية على الطراز الغربي التي وعدوا العراقيين بها، فجلّ ما فعلوه أنهم استبدلوا طاغية واحداً بمجموعة طغاة الكثير منهم يأتمر بأوامر الخارج.

كلمة السر في كراكاس هي نفسها في بغداد: النفط، ولن تكون العاقبة في حال سقوط مادورو مختلفة.

madanbahrain@gmail.com