خيارات أمريكا في فنزويلا

16-02-2019
صادق ناشر

كل الخيارات لدى الإدارة الأمريكية الحالية مفتوحة بشأن الأوضاع في فنزويلا، بما فيها التدخل العسكري، وهي إشارة أكدها الرئيس دونالد ترامب الأربعاء، عندما قال إنه يدرس «كافة الخيارات» في التعاطي مع الوضع الطارئ هناك، مبرراً الأمر بكون رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو ارتكب «خطأ فظيعاً» بمنعه دخول المساعدة الإنسانية الدولية إلى بلاده، وإن كان لا يعترف به منذ أن قرر الاعتراف برئيس الجمعية الوطنية خوان جوايدو رئيساً مؤقتاً للبلاد.
يرى ترامب أن لديه خطة بديلة في حال تمسك مادورو بالسلطة، وينظر إلى جوايدو، باعتباره «الرئيس الحقيقي لفنزويلا. إنه شجاع جداً»، ولا يزال يفرض حصاراً على فنزويلا، التي خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في وقت سابق من الأسبوع الماضي تأييداً للرئيس مادورو.
في الخطط المرسومة في واشنطن، فإن التدخل العسكري لصالح جوايدو ليكون رئيساً بديلاً لمادور أمر وارد لدى الرئيس ترامب ولبعض مستشاريه، خاصة الصقور في إدارته الذين يرون في بقاء مادورو رئيساً للبلاد شوكة في وجه النفوذ الأمريكي في المنطقة، لذلك عملت إدارة ترامب على تجييش المؤيدين من الدول ضد مادورو، حيث وصل عدد البلدان التي أبدت اعترافها بجوايدو رئيساً للبلاد ما يقرب من 50 دولة، أغلبيتها حلفاء مع الولايات المتحدة.
الغريب أن عدداً كبيراً من هذه الدول من أوروبا تدعي التمسك بحقوق الإنسان وتحارب فكرة اغتصاب السلطات، لكن كثيراً من قادة هذه الدول الذين ينتقدون كل صغيرة وكبيرة في هذا العالم التي لا تروق لهم ولمعايير حقوقهم، بلعوا ألسنتهم عندما وصل الأمر إلى دعوة صريحة لإسقاط نظام قائم والاعتراف برئيس برلمان رئيساً للبلاد، على الرغم من أنه المعني بحماية مصالح الشعب، فهو ليس من المؤسسة العسكرية حتى يقدم على تنفيذ انقلاب، كما هو حال العديد من البلدان.
والسؤال هو: ماذا لو عملتها الولايات المتحدة الأمريكية وأقدمت على التدخل العسكري بغرض إسقاط نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو؟، هل من شأن هذه الخطوة أن تلقى ترحيباً داخلياً، أم أنها ستغرق في دوامة الانقسام الشعبي في البلاد، والاستنكار الخارجي، خاصة وأن عدداً من الدول الكبرى ليست راضية عن هذا التدخل الفج في فنزويلا، من بينها روسيا والصين، حيث حذرت روسيا الولايات المتحدة من مغبة التدخل في الشأن الفنزويلي، واصفة الصقور في البيت الأبيض ب«الرؤوس الحامية»، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن روسيا ستقف ضد أي خطط تستهدف إشاعة الفوضى في أمريكا اللاتينية، على غرار الفوضى التي تسود منطقة الشرق الأوسط.
ساهمت أمريكا في تشكيل صراع إرادات بقضية فنزويلا، وتريد أن تفرض إرادتها على الجميع، لكنها وإن كانت البادئة في خوض المعركة، فلن تكون صاحبة الكلمة النهائية فيها، فهي تدرك أن خيار القوة سيكون كارثياً على الجميع وليس على فنزويلا وحدها.

Sadeqnasher8@gmail.com