ديموقراطية التناحس! حوارات

14-02-2019

د. خالد عايد الجنفاوي

الديمقراطية وسيلة لإيجاد توافقات مجتمعية حول أفضل الحلول للمشكلات المشتركة. أي من المفترض أن تساهم الديمقراطية في إيجاد حلول لتحديات يعاني منها أعضاء المجتمع، ولم تهدف إلى ترسيخ “التناحس”، والتصّيد ضد الشريك الآخر في الوطن، لذلك “كما تكونوا تكن ديمقراطيتكم”! أي أنّ ما سيشكل آليات الديمقراطية، ويصبغها بطعم ونكهة خاصة هي السلوكيات والتصرفات الشائعة في المجتمع.
إذا راج في المجتمع سلوك وتصرفات عقلانية أصبحت الديمقراطية فيه عقلانية وعملية، وعندما تروج في المجتمع سلوكيات وتصرفات عامة تميل الى الجدل السلبي والعقيم، وإلقاء التهم المعلبة، والتشكيك في الولاء الوطني، ستصبح الديمقراطية سلبية للغاية وانهزامية للغاية، وأحياناً تناحسية للغاية!
فالديمقراطية لن تغير بسهولة ما طُبع في الذهن الجمعي للبيئة الانسانية، لكنها ستوفر فرصاً لبعض المجتمعات للتغلب على سلوكياتها وتصرفاتها السلبية العامة، فالديمقراطية ستقترن بالتمدن والحياة المدنية، والتسامح وقبول الرأي الآخر وقبول الاختلاف وبالتوافق، وليس العكس.
الطبع السلوكي لأي مجتمع إنساني سيصبغ الممارسة “الديمقراطية” التي ستتحقق فيه، فبعض المجتمعات ستستخدم الديمقراطية لتطوير العلاقات الاجتماعية بينها، وفي بعض المجتمعات ستسوء العلاقات الاجتماعية بسبب الديمقراطية! بالطبع، لا ذنب للديمقراطية بأي نوع من الانحدارات الثقافية، والسب والشتم، والتخوين المتبادل في الولاء والانتماء الوطني، لكنها ستبقى أدوات وآليات حرة سيستخدمها البعض كيف ما يشاؤون.
الديمقراطية في أغلب المجتمعات الغربية المتمدنة تصبح نعمة، وفي مجتمعات أخرى ستصبح نقمة، وجحيماً وتطرفاً وفرصاً مواتية للقضاء على الشريك الآخر في العملية الديمقراطية.
سبب تكرس التفكير العقلاني والعملي جراء التراكمات، التاريخية والثقافية، الاوروبية ستتوافق آليات الديمقراطية مع طرق التفكير الرائجة في المجتمعات الغربية، فالطبع العقلاني والعملي الغربي بعامة سيجعل التطبع الديمقراطي عقلانياً وعملياً، لكن المجتمعات التي سيترسخ فيها رفض الاختلاف، ورفض التعددية العرقية والمذهبية والدينية والثقافية، ستصبح الديمقراطية أحياناً وبالاً على المجتمع، اذ بدلاً من مساهمتها في تطوير الأطر، الفكرية والثقافية، نحو مزيد من القبول المتبادل بين أعضاء المجتمع، ستصبح الممارسة الديمقراطية في المجتمعات المنغلقة على نفسها تنكيلاً بالرأي المعارض أو الشريك الآخر في المواطنة.

كاتب كويتي