هل بريطانيا نادمة؟

23-01-2019

د. حسن مدن

برفض حجب الثقة عن حكومتها، ولو بغالبية هشة، ربما تكون رئيسة الوزراء البريطانية قد امتصت جزئياً آثار الضربة البليغة التي وجهها لها مجلس العموم البريطاني برفض خطتها للانسحاب من الاتحاد الأوروبي التي تفاوضت حولها مع الأوروبيين على مدار شهور.

وهي أوقع هزيمة تنالها حكومة بريطانية منذ ثلاثينات القرن الماضي حسب قول زعيم المعارضة العمالية جيرمى كوربين، قبل أن يتقدم بمقترحه بسحب الثقة من تيريزا ماي.

قد يكون أحد العوامل التي أسعفت ماي في عدم سقوط حكومتها بالتصويت هو خشية حتى بعض أجنحة حزب العمال نفسه من أن تحمل انتخابات قادمة تجري تحت تأثير هزيمة ماي، كوربين نفسه إلى رئاسة الوزراء، وهو المعروف بميوله اليسارية المتعارضة مع المنهج «البليري» إن صحّ القول في حزب العمال، فآثر الكثيرون من أعضاء مجلس العموم منح تيريزا ماي فرصة أخرى كي تخرج من المأزق الذي هي فيه اليوم، رغم ما تظهره من رباطة جأش ملحوظة.

طريق التحديات أمام تيريزا ماي ما زال طويلاً وشائكاً. هي وعدت بالمزيد من التشاور مع الأحزاب الأخرى في بلورة خطة جديدة للانسحاب، لكن ما قد يرضي الداخل البريطاني لن يرضي الحلفاء الأوروبيين بالضرورة، الذين اعتبروا ما توصلوا له من اتفاق سابق معها هو الصيغة الملائمة التي تؤمن خروجاً لبريطانيا من الاتحاد بخسائر أقل لهم، لذلك عبّر غالبية القادة الأوروبيون، إن لم يكن كلهم، عن الانزعاج من قرار مجلس العموم البريطاني برفض الاتفاق وبهذا العدد الكبير من الأصوات.

ولعّل أبلغ تعبير عن هذا الاستياء الأوروبي نجده في كلمات رئيس الوزراء الدنماركى لارس لوكه راسموسن: «إن بريطانيا برفض هذا الاتفاق تقترب خطوة أخرى نحو سيناريو فوضوي بشأن الخروج من الاتحاد».

لا يمكن غض الطرف عن أن مزاجاً من الندم يشيع في بريطانيا من تسرع الناخبين بالتصويت على الخروج من الاتحاد تحت ضغط الدعاية الإعلامية التحريضية الواسعة التي شنّها اليمين المتطرف الأكثر عنصرية وانعزالية، الذي أشعل حالاً من «فوبيا» الأجانب، موهماً الناس بأن مصلحة بريطانيا هي في عزلتها، لا في اندماجها مع محيطها الأوروبي.

عن هذا المزاج من الندم عبّر عمدة العاصمة، لندن، صادق خان، بالقول إن حجم الهزيمة التى منيت بها خطة رئيسة الوزراء غير متوقعة، وإن الخيار الوحيد الآن هو تفويض الأمر للشعب البريطانى بإجراء استفتاء آخر يتضمن خيار بقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى.

madanbahrain@gmail.com