قلق..!

18-01-2019

قال من أين تأتي..

الوجوه التي تستدلّ بها الشعرَ

غابت وراء الطيوف؟!

قلت يا امرأةً تورقُ العمرَ

تبقى القصيدةُ أن تورقي في ربيع الحروف..!

يقولون إن قلق الشاعر قصيدة.. لكنهم ينسون أن قصيدته حياة..!

  • في يومك ما يدفعك للكلامِ في مجالسَ الصمت.. ما يمنحك دون غيرك على أن لا يتعثّر بكَ الوقت.. ولا تتأخّر لك المشيئة..

ما الذي ستفعله لو لم تكن شاعرًا يومًا هل ستكمل عمرك الخالد.. أكبر من العصفور وأرق من الفراشة، أكثر من الخيال وأصدق من الحقيقة، أبعد من الممكن وأدنى إلى المحال..

وهل سيمنحك التاريخ استحقاقك والعالم نرجسيتك، والوجود ظلالك..؟

لستَ إلا واحدًا من سلالة بشرية غجرية الوجود..

ظلّت تهاجر وتتهجّر منذ آلاف السنين تبحث عن مدينة الجوهر الإنساني..

وكلما وقَفْتَ على تخومها.. سكنتَ وحدك دائما حجرات براكينها..

صادقت هناك الفناء والخطر والغربة والتشرّد والسجون والوحوش.. وما صرعك غير الحب ولا بحثت فيها يوما إلا عن نفسك، ولا سألت عنك إلا صمتك..

لكنك بعد كل هذا لا تجيئنا حين تجيء إلا ببخور روحك ولا تغادرنا إلا بتذكرة الخلود!

كما يفعل الطيبون تمامًا..

أردّ السلام على العابسين بمرآة سيارتي حين يشتمني بوقهم

وأعود إلى البيت أحمل خبزَ الظهيرةِ

أفرح بالغيم مثل صغيري.. وآخذه نزهةً للعيون

تحدّث مثلي بلكنته الساحليةِ.. قال:

المدينة هاربة من فراغ البيوتِ لضيق الظنونْ..

سنخرجُ لليل.. لم يبق في الضوء إلا الزحام الممل..

أناسٌ يراؤون بالذنب.. لا يسكنونَ السلام.. ولا يرحلون

عليهم ثياب الصلاةِ.. ولكنهم يعمهون

كما يفعل الطيبون تماما.. تماما.

أنا وصغيري نطيل التأمّل في الناس.. والناس لا يدركون..!

  • أسألك أيها الشاعر.. ماذا لو لم تكن شاعرا

  • هل سيكون للشارع وجه آخر يحدّثك عن ظلال المتعبين..

  • عن امرأة تركت عطرها عرضة للحلم ومشيتها نداء للخطيئة..

  • عن أخرى عبرته برفقة طفلها فماتت دونه تحت عجلات سيارة لا تجيد طريق القصيدة؟!

  • هل سيكون المطر غير منزلقٍ لهواجسك المنهكة بالفقر، حين تبني فيه وحدك كوخًا في قوس قزح.. حين تحاور من على هضبة غيمة نجمة خائفة من عراء السماء، أو أخرى ضلّت طريقها إلى الأرض،.. هل سيكون لهذه المدينة الخرسانية الصامتة صوت فيروز وقصائد جبران، أسألك هل ستكون قادرًا لولا الشعر على أن تردّ السلام على الشمس.. أن تجاور القمر.. أن تهمس في أذن فراشة تدنو إلى النار، أن تستريح قليلا في مدينة التعب، أن تقرئ أطفالك سيرة الأحلام، وخديعة شهرزاد، ورقصة سيندريلا العابرة؟!

    أنت من قبيلة الشعراء يا صديقي وعليهم منذ فجر الكلام أن يستعيدوا أسماءهم، وينتظروا ميلادهم، ويدركوا موتهم، وحينما يتعاطون الحياة لا يبلغون من ظلالهم إلا عتمة دكنتهم، ولا من خطواتهم إلا زحام العابرين حولهم..!