هل بديلك جاهز؟

17-01-2019

كنت أعمل في إحدى المؤسسات العربية قبل سنوات مضت، وصادف أن جاء مدير جديد وكان أول قراراته حذف أسماء المديرين السابقين وصورهم من التقارير والموقع الإلكتروني، وحذف صور وأسماء أي أشخاص آخرين في المؤسسة وإبقاء اسمه فقط. ومن باب الحرص فقد كان بعد أي فعالية يطلب جميع الصور التي التقطت ويقوم بحذف جميع الصور التي لا يظهر فيها.. غادر ذلك المدير موقعه وجاء من خلفه مدير مسح كل صور صاحبنا واسمه من الموقع والتقارير ولم تبق إلا الذكريات وسيرته العجيبة لدى من عاصره من موظفيه.. مقالة اليوم تناقش السؤال: هل بديلك جاهز؟

بداية لا تبدو أفعال ذلك المدير تاريخياً مثار استغراب، حيث يروى أن عدداً ممن تولوا منصب فرعون مصر كانوا يبدؤون حكمهم بإزالة كل اسم للفرعون السابق من الآثار التي شيدها، بل ويصل الأمر إلى وضع اسمه بدلاً من ذلك ذلك الفرعون السابق. وبالمقابل فنجد أن إعداد الصف الثاني والتفكير بالمستقبل من الأمور التي كانت في عقلية الأنبياء عليهم السلام كقول موسى عليه السلام (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي) وقول إبراهيم عليه السلام (وَمِن ذُرِّيَّتِي) بعد أن جعله الله للناس إماماً..

ونجد قضية القائد البديل حاضرة في اجتماع المستثمرين الخاص بشركة سوفت بانك اليابانية العام الماضي حيث ناقش الحضور الرئيس السيد سون ماسايوشي عن مستقبل الشركة من بعده؟ فكان جوابه بأنه باقٍ لفترة ولن يتنحى سريعاً، ولكن سيكون اختيار خليفته هو أحد أكبر التحديات أمامه للسنوات العشر القادمة.

ولاشك أن إعداد الصف الثاني وتأهيل القيادات المستقبلية تضمن الاستقرار وتدعم السياسات الإبداعية عبر ضخ الدماء الشابة والأفكار الجديدة في المؤسسة، وبالمقابل فمن العيوب الإدارية في تخوف القائد أو المدير من إعداد البدلاء والصف الثاني خلفهم:

  • الاستعانة بأصحاب كفاءات ناقصة وتعطيل الاستفادة من أصحاب الكفاءات نتيجة خوف القائد من استبداله.

  • تعطيل مفهوم المنظمة المتعلمة والاستفادة من الخبرات والتجارب المتراكمة.

  • تقديم المصلحة الشخصية على مصلحة المؤسسة في اتخاذ القرارات.

  • إصابة الكفاءات الشابة بالإحباط مما يمهد لتسربها وانتقالها إلى جهات منافسة.

ومن الأمور المهمة في القائد عدم المجاملة في اختيار أو تزكية من يأتي بعده، حيث إن نجاح المنظمة من بعد رحيله يجب أن يكون من أهم معايير قياس الأداء والنجاح، وشتان ما بين حسن التعامل والعلاقة الحسنة والقيادة، فلما سأل أبوذر - رضي الله عنه - الرسول صلى الله عليه وسلم الإمارة أجابه: "إنك ضعيف، وإنها خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها".

ونصيحتي لكل قائد جديد: "لكي تنجح لن تحتاج لمسح اسم من قبلك وصوره، بل امسح نجاحاته بتحقيق إنجازاتك ونجاحاتك الكبيرة مع فريقك، وهي التي ستتكلم عنك حتى بعد مغادرتك للكرسي الذي تجلس عليه!".