المراهقة السياسية.. كندا أنموذجاً

17-01-2019

خلال العقود القليلة الماضية ظهر للعالم مراهقون من نوع آخر، لا ترتد مراهقتهم عليهم فقط، بل إن تأثيرها شامل الدول، من يحمل هذه الصفة هم نوع من مراهقين سياسيين، يعتقدون أن العالم سيتجاوز فعلتهم.. حتى إنهم لم يتوقفوا عن لفت نظره من خلال مواقف تعدّت كونها ساذجة إلى مخلة ومقلقة للسلام والتعاون العالمي بين الدول.

النماذج على المراهقة السياسية التي بدأ العالم يتلمس ضررها حضرت في تصرفات زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ وهو يرسل رسائل تهديد تتضمن صواريخه النووية بأنه سيفجر العالم.. ولكن ما لبث أن هدأ وعاد إلى صوابه وجلس على طاولة المفاوضات.. إلا أن المراهقة السياسية الأشد ضرراً ومازالت مستمرة وممتدة من ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن هي ما عليه ملالي إيران وتصرفاتهم الرعناء التي تجاوزت وصفها بالمراهقة إلى العبث وتهديد العالم مباشرة، وبما يجعل من علاج هذا السلوك الذي تجاوز حدوده ضرورياً حد الحصار والعقاب المستمر.. والأمر يندرج على التصرفات القطرية بمحاولة إثارة الفتن وتسخير المال لزعزعة كثير من الدول العربية.

حالياً العالم بصدد نوع جديد من المراهقة السياسية يستحق أن يحمل مسمى "المراهقة السياسية التافهة" تتبناه دولة كندا التي تريد أن تسم نفسها بأنها نصيرة المظلومين وملجأ لهم.. لكن بكل أسف هي تنطلق من مواقف سخيفة وقضايا تافهة، فنحن لا نراها تهتم بحقوق الإنسان في بورما ولا في إيران، ولم تتحرك ضد الحشد الشعبي في العراق، بل ننتظر رأيها بحقوق السكان الأصليين في كندا وأميركا.. كذلك أين هي من التهجير الجماعي للفلسطينيين من قبل دولة الاحتلال؟

تلك أمثلة لم تخض فيها ولم تُرتب أو تتبنَ استقبالاً عبر قادتها لهاربين من تلك الدول، وبما جعل العالم يستغرب ما أقدمت عليه بتبنيها قضية فردية شخصية أسرية لمراهقة مع أسرتها، لذا لم يكن السفير الكندي السابق في المملكة ديفيد تشاترسون يجانب الحقيقة وهو يؤكد أن المراهقة السياسية الكندية قد أضرت بالعلاقات مع المملكة، وأن الدبلوماسية الحقة تتطلب حواراً وتعاوناً مبنياً على الاحترام.. وليس تشاترسون لوحده بل أصحاب قرار ورأي في أوروبا وأميركا رأوا مثل ذلك.

التافه في التصرف الكندي أن القضية التي تبنتها مع الفتاة رهف مستمرة الحدوث باستمرار في أوروبا وأميركا وكندا كظاهرة اجتماعية من سوء العلاقة بين الأبوين والابن أو الابنة المراهقة.. لكن السياسة الكندية التي لم تنضج بعد أرادتها تشهيراً بالمملكة وفقاً لخلاف سابق تريد منه انتقاماً.. وليس تبني قضية حقيقية، فما تقوم به تبنيه على أفعال ليس لها صفة الموضوعية أو العقلانية مصدرها معلومات كاذبة وأفكار حاقدة، ولتستمر المراهقة السياسية في عدائيتها مع المملكة تهتم بالقشور والسطحية السياسية؟!