بيروقراطية التعليم

18-01-2019
محمد إبراهيم

يشكل «التعلم عن بعد»، إحدى الطرائق الحديثة للحصول على المعارف والعلوم، إذ يستند في مفهومة إلى تواجد المتعلم بعيداً عن الكيان التعليمي ومكوناته، وقاعاته التقليدية، لتنتقل البرامج التعليمية من حرم مؤسساته إلى أماكن متفرقة، وصولاً إلى طلبة العلم.
رأيناه شائعاً في مراحل التعليم الجامعي والدراسات العليا، وجذب الكثير من الطلبة حول العالم، وأعان آخرين من أصحاب الظروف الصعبة، التي حالت دون استمرارهم في التعليم التقليدي، ولكن وجدناه في مراحل مختلفة يعاني «البيروقراطية»، وصعوبة الاعتراف الأكاديمي بوجوده ضمن النظم التعليمية السائدة.
وعلى الرغم من حداثة هذا النظام، إلا أن الإمارات كانت سبّاقة في إجراء تشريع استثنائي، يُمكن «التعلم عن بعد» في المجتمع، بمنهجية جديدة، وآليات تطبيقية، تحاكي في مضمونها المتغيرات المتسارعة في شبكة العلوم والمعارف عالمياً، لتحطم «بيروقراطية التعليم»، وتسهم بفاعلية في وصوله لجميع طلبة العلم، دون النظر إلى ظروفهم الاجتماعية أو المادية.
تشريع «التعلم عن بعد» الذي وجه بإعداده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله مؤخراً، يجسد حقبة زمنية جديدة في مسيرة العلم بالإمارات، تأخذنا بعيداً عن الأطر التقليدية الشائعة، وتُذيب معوقات التعليم أمام الطلبة وأولياء الأمور، على المستويين المدرسي والجامعي.
أدوار جديدة تلك التي يفرزها التشريع الجديد، فالأسر أصبحت لديها فرص نوعية لتعليم أبنائها في أي مكان وفي كل زمان، وبات لديها حق اختيار المناهج التعليمية، التي تطمح لها في مسيرة إعداد أبنائها للمستقبل، ووسائل التعليم المختلفة التي تواكب كل مرحلة، وهذا الأمر في حد ذاته، يمكننا من بناء جيل من العباقرة، ليصبح لدينا العالم والمبرمج والصانع والمهندس والكاتب والطبيب، «الصغير»، فسماء العلم مفتوحه وسقف الطموح لا تحده حدود.
وعلى المدارس ومؤسسات التعليم العالي الانتباه إلى تلك الخطوة المهمة في تاريخ التعليم، إذ تشكل نقطة تحول كبيرة في النظام التعليمي من القمة إلى القاعدة، ونتساءل: ماذا أعدت مؤسساتنا التعليمية لمواكبة مسارات التشريع الجديد وأهدافه؟ وهل تركز خططها المستقبلية على توفير التعليم وانتشاره، باستراتيجيات وطرائق تحررنا من «أسوار المدارس»، ليستطيع أبناؤنا حصد المعارف أينما كانوا ووقتما شاؤوا؟
الأسئلة كثيرة، والتصورات أكثر، وسقف الطموحات أعلى، وبرنامج «رحال» الذي أعدته هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، وأفرز تلك المبادرة الاستباقية، ما هو إلا مجرد حلقة في سلسلة كبيرة من مبادرات تأخذنا لمستقبل لا يعرف المستحيل، فعلينا تأهيل أنفسنا، وتهيئة عقولنا لتعي إلى أين يأخذنا التغير والتطور.
Moh.ibrahim71@yahoo.com