انتكاسة جديدة في طرابلس

18-01-2019
مفتاح شعيب

تعرضت هدنة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس إلى انتكاسة جديدة مع اندلاع القتال في ضواحيها وسقوط عدد من القتلى والجرحى، في ظل المخاوف من اتساع نطاق القتال، بالتوازي مع معركة يخوضها الجيش الوطني في الجنوب للقضاء على جماعات إرهابية بدأت تتغلغل منذ فترة في الواحات القريبة من مدينة سبها وقرب الحدود مع تشاد والسودان.
وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه البعثة الأممية قبل أربعة أشهر بين قوة «اللواء السابع» وميليشيات مسلحة، ظل على وصفه «وقفاً لإطلاق النار» ولم يتقدم خطوة أخرى لنزع فتيل التوتر، إذ ظلت الأطراف المتقاتلة محافظة على سلاحها ومناطق انتشارها ونفوذها، في حين وقفت حكومة الوفاق الوطني ومعها البعثة الأممية عاجزتين عن التحرك العملي بسبب عدم وجود أجهزة عسكرية وأمنية قادرة على تنفيذ أية خطة لفرض الهدنة، وبسبب أن الجماعات المسلحة المتصارعة في طرابلس أقوى ميدانياً من كل التشكيلات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي لا تمتلك من أمرها غير إصدار القرارات والأوامر دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ. وكذلك هو وضع المبعوث الأممي غسان سلامة الذي توعد قبل أيام بفرض عقوبات دولية على أي طرف يعرقل الحوار ويهدد الأمن ويمنع التوصل إلى حل سياسي لحل الأزمة. وحتى تنفيذ هذا القرار ليس بيد الأمم المتحدة، بل بيد أطراف دولية كبرى تنشط في الساحة الليبية، ولم تتوافق على إطار موحد وأهداف متطابقة.
المشكلة التي مازالت تواجه ليبيا، أنه في كل مرة يتم تعليق الآمال على حل قريب يتفجر الوضع الأمني فجأة، وتدخل الأطراف المختلفة في سجالات لا تنتهي. ومع ذلك يبدو أن الاشتباك الجديد المندلع في طرابلس هو استكمال للمعركة السابقة، وربما يتسع نطاقه باستقطاب أطراف أخرى. فقد أعلن الجيش الوطني المسيطر على شرقي البلاد أنه على أهبة الاستعداد لدخول العاصمة «دخول الفاتحين»، ومن مكان ما، أدان سيف الإسلام القذافي التطورات القتالية، داعياً في الوقت ذاته إلى التعجيل بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لإنهاء الفوضى في البلاد، وهو المطلب الذي لا تريده أغلب الأطراف المتصارعة، فالانتخابات إذا تمت، ستكون نتائجها على حساب مصالح الميليشيات والكيانات المسلحة المتعددة الولاءات.
في هذا السياق، لا يمكن فصل التطورات المسلحة، عما يطبخ في المسار السياسي. ففي هذه المرحلة هناك ضغط باتجاه تفعيل الحل السياسي، ومن لا يريد هذا التوجه سيتحرك، إما بهدف الدفاع عن المصالح الشخصية أو بغاية إثبات الذات واكتساب موقع مؤثر في المستقبل. ولكن ما يظهر في الصورة الآن أن الوضع يزداد تدهوراً، خصوصاً في طرابلس، حيث الفوضى سيدة القرار، ليس على حساب مؤسسات الدولة فحسب، بل على حساب كرامة المواطن الليبي وحقه في الأمن والحياة.
chouaibmeftah@gmail.com