الضغط النفسي… أسبابه وعلاجه مختصر مفيد

17-01-2019

أحمد الدواس

نشرت إحدى الصحف المحلية خبراً مفاده أن آلافـاً من الكويتيين والمقيمين يعانون المرض النفسي كالقلق والاكتئاب نتيجة لضغوط الحياة المادية والمهنية والتشتت الأسري، وتبدوعلاماته بطريقة الكلام والتصرفات، ويتجلى ذلك بسرعة الغضب لأتفه الأسباب، أو قلق المقيم على مايحدث في بلاده من اضطرابات داخلية، أو جرح المشاعر، فمن الهموم والشجون والآلام ماكان سببه “كلمة” طائشة جرحت كرامة الشخص وسببت له آلاماً نفسية استمرت سنوات طويلة، وجميع ماذكرناه تجعل المرء يعيش بحزن دائم.
هناك سلوكيات سيئة بالمجتمع، مثال على ذلك ما حدث في إحدى المحاكم، حيث تخلى مواطن وزوجته عن حضانة أطفالهما في المحكمة، فتولت العمة حضانة الأطفال، كل ذلك لأن الزوج والزوجة اختارا ان يعيش كلاهما حياته الشخصية، فماهذه الأنانية؟ هذا خلل في نفسيهما، ومن المؤكد ان عذاب الضمير سيلاحق الزوج والزوجة، إن لم يكن اليوم فغداً.
القلق المُفرط سببــه الانشغال الزائد بالنفس، الميزان مختل، الميزان الداخلي في نفس المرء مضطرب، لذلك حاول مساعدة الآخرين، ففي كل مرة تجعلهم يشعرون بالسعادة ستشعر بتحسن كبير، وماجسدك إلا انعكاس لأفكارك. ما نقوله ليس ترهات بل حقيقة واقعية، إن المرء بحاجة لإعادة التوازن في مشاعره داخل صدره. انظروا مثلا عندما نتصدق على فقير أو نعطف على محتاج فإننا نشعر براحة نفسية، وبالمثل فإن الشخص المتوتر والحزين لما يساعد الناس يشعر بأن ثقل التوتر ومايصاحبه من آلام بجسده قد انزاح عن كاهله فتسري السعادة والراحة في جسده.
من أقوال السيخ والهندوس ” حب لأخيك ماتحبه لنفسك ” هكذا بالضبط ماقالوه،وهو أحد الأحاديث النبوية الشريفة، وفي الفلسفة الهندية تفكير مشابه للتفكير الإسلامي وهو ” ان المرء يشعر بطمأنينة النفس لاعتقاده ان مايحدث له يأتي بأمر إلهي ” و” ان السخي أكثر الناس سعادة ” و” أنت تكسب في الواقع وأنت تفعل الخير للناس” و”افعل الخير ولاتنتظر المقابل ” وفي دول آسيا نجد ان تقاليدهم تقتضي منهم احترام الوالدين، وهي عادة آسيوية، لذلك يطول عمر الوالدين في آسيا لأن الأبناء يهتمون بالأم والأب مدة طويلة، واثبتت الدراسات البريطانية أن الإيـثار (عكس الأنانية) له فوائد صحية على الإنسان، ومن دراسات جنوب أفريقيا يقولون هناك ” انظر للجانب الإيجابي دائماً ” تفاءلوا بالخير تجدوه “.
مانقوله ليس ترهات بل حقيقة واقعية،فقد أثبتت الدراسات الطبية التي صدرت عن 54 جامعة أميركية ان بذل الحب والعطف والشفقة تجاه الناس تُشعر الإنسان بأنه سعيد وبصحة جيدة، ويقول الدكتور “داغ أومان” من جامعة كاليفورنيا: ” كان الأطباء يعتقدون لفترة طويلة ان الأدوية تعالج الكآبة، وابتعدنا عن القيم التقليدية الفاضلة والمشاعر الروحانية،ان الأديان العظيمة توصي بالأخلاق الطيبة بين الناس “، وتشير أبحاث أميركية الى ان تقديم العون ومساعدة الآخرين والتسامح والاحترام تخفض حالة الكآبة لدى الإنسان فتتحسن حالته الصحية.
في مقالة للكاتبة “سارة بيلي” بصحيفة “واشنطن بوست” يوم 14 أغسطس سنة 2015 بعنوان ” هل تريد سعادة دائمة ؟ كن متديـــناً ! ” جاء فيها ان مساعدة الناس وتقديم الصدقات نشاط يحقق السعادة، وهناك مثال آخر، فقد طردت شركة أميركية موظفاً لها، وكان هذا الموظف يؤمن بالله وبأن الخالق يحكم حياتنا ومقتنعا بالقضاء والقدر، فوجد وظيفة أفضل من وظيفته السابقة، فكتب مقالة بصحيفة “كريستيان ساينس مونيتور “يوم 10 مارس 2017 شرح فيها ماجرى له، وقد وجد العلماء ان السلوك الإيجابي يحمي القلب والأوعية الدموية وأن الأفكار السلبية تضر الصحة.
وأثبتت الدراسات الطبية بأن الأدوية لا تنفع في معالجة الكآبة والقلق،وإنما ممارسة السلوك المتوازن كالاهتمام بأسرتك والتمسك بالقيم التقليدية الفاضلة والمشاعر الروحانية، والمشي، والاستماع للموسيقى الهادئة، وبذل الحب والعطف والشفقة تجاه الناس، وان يعيش الإنسان بالقناعة كأسلوب حياة، هذه الأمور هي ما تُشعر الإنسان بأنه سعيد وبصحة جيدة، فالإنسان السوي إنما يعامل الناس بأخلاقـه لا بأخلاقهم، فنحن من نصنع السعادة، ونحن من نصنع التعــاسة.

سفير كويتي سابق