ماكرون على خطى المتنبي

17-01-2019
عبداللطيف الزبيدي

هل ظفر الرئيس ماكرون بالمفتاح السحري في أعاصير «السترات الصفراء»؟ حسبنا أنه سيدعو حشوداً من الأدمغة، ويسألها التعاون الفكري مع الحكومة لإخراج البلد من المحنة. في رسالة، كأنها إعلان حالة التأهب القصوى، وجّهها إلى الشعب، دعاه فيها إلى «الحوار الوطني الكبير».
المعالم شعبية، قال ماكرون: «الحوار ليس انتخابات ولا استفتاء». لكنه سيكون في مستوى بلد، بجميع فئاته وأطيافه، أديانه، أحزابه، شيبه، شبانه، نسائه ورجاله، على الجميع: الرأي، من استطاع إليه سبيلاً. سيقول الماكرون إن ماكرون تلقف الكرة، ضاعف نفخها مئة مرة، وألقى بها في ملعب الشعب، الذي صار بكامله مسؤولاً عن العقد الاجتماعي الجديد الذي سيمحو أثر السترات الصفراء وكل اصفرار. ستغدو التظاهرات الغاضبة قطرة في بحر الشعب: «إن تفصلِ القطرة من بحرها..ففي مداه منتهى أمرها».
نحن بتواضعنا الذي لا يرضى بما دون النجوم، لا تغرينا ديمقراطية ماكرون الشعبية. لكن، يبدو أن صاحب الإليزيه تلميذ نجيب في مدرسة أبي الطيب: «ليعلم الجمعُ ممّن ضمَّ مجلسُنا..بأنني خيرُ منْ تسعى بهِ قدمُ»، يستشهد بالبيت كفرنسي لا كرئيس. فاتحة رسالته غريبة متناقضة: «في حقبة من الاستفهامات وانعدام اليقين، كهذه التي نمر بها، يجب أن نتذكر من نحن». ثم يقفز فوق برج إيفل: «فرنسا ليست بلداً كالبلدان. الإحساس بانعدام العدالة أشد حيوية مما لدى الغير، والمطالبة بالتضامن أقوى». هو لا يتحدث عن بلدان الضعفاء في إفريقيا وآسيا. هو يتحدى النظراء الأكفاء في الاتحاد الأوروبي وعمالقة العالم، وإلا فما معنى الفخر والتعالي؟
السيد ماكرون يكون قد أسدى إلى العرب والعالم الثالث دروساً وعبراً خالدة، إذا نحن استطعنا ولو بعد عقود النجاة من التناهش والتآكل: «يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب»؟ ليس من السهل أن يفكر النظام العربي ذات يوم في الدعوة إلى «الحوار الوطني الكبير»، «الحوار العربي الكبير». أن ترتقي الظاهرة الصوتية إلى التحاور، إلى الإصغاء، فذلك أمل يلوح نجومياً.
لزوم ما يلزم: النتيجة التدريجية: فلنبدأ بأن يتحاور الناس في ما بينهم، ثم مع الأنظمة.

abuzzabaed@gmail.com