«إسرائيل» وسياسة «كسر الصمت»

17-01-2019
يونس السيد

حمل اعتراف نتنياهو الصريح بضرب أهداف إيرانية في مطار دمشق الدولي مؤخراً، وإقراره بتنفيذ مئات الغارات في سوريا خلال السنوات الأخيرة، أكثر من رسالة موجّهة إلى الداخل والخارج، علاوة على كسر قاعدة «الصمت التقليدي» التي دأبت عليها «إسرائيل» بشأن هذه الغارات، وربما يؤشر إلى مرحلة جديدة من المواجهة.
ومع أن هذا الاعتراف الصريح والمباشر لم يزد كثيراً عما هو معروف للجميع، عبر الإيحاء والتلميح من قبل وسائل الإعلام التي كان يتم توكيلها القيام بهذه المهمة، إلا أن الإعلان عنه من أعلى الهرم القيادي، في هذا التوقيت بالذات، يحمل مدلولات أخرى ومضامين جديدة.
داخلياً، هناك انقسام «إسرائيلي» بين من يرى أن نتنياهو خالف قانون الرقابة العسكرية بشكل خطر، وأنه بتصريحاته يغلّب مصلحته السياسية على المصلحة الأمنية ويلحق الضرر بقدرات الجيش على المناورة، بحسب النائبة العمالية، إيليت نحمياس فاربين، وبين من يرى بالمقابل، أن مثل هذه التصريحات «تؤدي إلى الردع»، كما هو حال رئيس لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست» آفي دختر، لكن معظم الانتقادات انصبت على توظيف نتنياهو لهذه التصريحات في خدمة مصلحته الشخصية، مع احتدام التنافس في الانتخابات المبكرة المقررة في التاسع من إبريل المقبل، وعلى خلفية ما يواجهه نتنياهو من محاكمة أمام القضاء بشأن الاتهامات الموجّهة له بالفساد والرشوة، الأمر الذي سيحسم مصيره السياسي والشخصي، وبالتالي فمن مصلحته تسليط الأضواء على الدور الذي يقوم به في مواجهة الأخطار التي تتهدد «إسرائيل»، وعلى رأسها إيران، على أمل أن يؤدي تسويق هذه «الإنجازات الأمنية» إلى الحصول على المزيد من الالتفاف الشعبي حوله، وأن يترجم ذلك في صناديق الاقتراع، مما قد يحصّنه سياسياً وشعبياً.
وليس هناك ما هو أكثر جذباً للدعم الشعبي من الظهور بمظهر المدافع عن الأمن، وهو العصب الأكثر حساسية بالنسبة ل «الإسرائيليين»، الأمر الذي قد يدفع نتنياهو إلى المزيد من تنفيذ الضربات «الاستعراضية»، سواء في سوريا أو في قطاع غزة خلال المرحلة القريبة المقبلة.
أما في الخارج، فيمكن اعتبار تصريحات نتنياهو نوعاً من التصعيد الذي ينطوي على التهديد لكل من دمشق وموسكو، خصوصاً أن الاتصالات «الإسرائيلية»- الروسية لم تفض إلى عودة التفاهم والتنسيق الثنائي كما كان قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية، والتجاذب القائم بين الطرفين حول حدود وحرية الحركة «الإسرائيلية» في الأجواء السورية، وما إذا كانت موسكو ستسمح باستخدام المنظومات الدفاعية الأكثر تطوراً، في ظل الإصرار «الإسرائيلي» على منع أي تموضع إيراني في سوريا، ما يعني أن هناك محاولة مستمرة لجس نبض دمشق وموسكو بشأن السقف المسموح به، ولكن ماذا لو قررت دمشق تغيير سياستها، وقامت برد عملي ومدروس ضد الانتهاكات «الإسرائيلية» لسيادتها؟

younis898@yahoo.com