الملتقى الليبي الجامع

16-01-2019
فتح العليم الفكي

لا تزال الساحة السياسية الليبية تعج بالانقسامات والخلافات وتشهد نشاطاً محموماً وتحركات مريبة لتنظيم «داعش» الإرهابي جنوبي البلاد، مع اقتراب موعد انعقاد الملتقى الجامع للفرقاء الليبيين، الذي حدده المبعوث الأممي غسان سلامة في شهر فبراير/شباط المقبل.
وتتعاظم المخاوف من أن تلقي هذه الانقسامات بظلالها على الملتقى وتجعل مصيره مثل العديد من المؤتمرات التي احتضنتها عواصم عربية وأوروبية.
وبغض النظر عن التفاؤل الذي يبديه سلامة في تصريحاته التي يطلقها بشكل شبه يومي في زياراته ولقاءاته مع مسؤولين دوليين وزعماء عرب وأفارقة، والتي بلغت حد التصريح بأن الانتخابات التشريعية ستقام في مارس /آذار المقبل قبل الاستفتاء على الدستور ودونما انتظار لما سيسفر عنه الملتقى المزمع عقده من نتائج وتوصيات.
ربما تكون لسلامة وهو سياسي محنك ودبلوماسي مخضرم تقديراته الخاصة للواقع الليبي، والتي تختلف عن تقديرات أصحاب الشأن من الليبيين أنفسهم الذين يرون في قيام الانتخابات قبل الاستفتاء على الدستور خطوة تخدم جماعات الإسلام السياسي دون سواهم، حيث ستمكنهم من التخلص من البرلمان الشرعي وتضمن بقاءهم في السلطة التنفيذية.
ويبدو أن سلامة - الذي نجح من قبل في جمع الفرقاء الليبيين في باريس وجنيف وتونس وروما وفي حل أزمة تدفق النفط بعد الهجوم الأخير على الهلال النفطي - لم يضع في حسبانه أن تنتقل الخلافات داخل الكيان الواحد مثلما حدث في المجلس الرئاسي الذي يعيش هذه الأيام على وقع أزمة حادة بين رئيسه فائز السراج وثلاثة من أعضائه اتهموا السراج في بيان أصدروه يوم السبت الماضي بقيادة ليبيا نحو مجهول قد يدفعها إلى صراع مسلح جديد.
الأعضاء الثلاثة قالوا: إن السراج بسياساته غير المدروسة أجهض أهداف اتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر/كانون الأول 2015 والمتمثلة في محاربة الإرهاب ورفع المعاناة عن الليبيين والتأسيس لدولة المواطنة، ورأوا أن استمرار السراج بذات النهج والسياسة القائمة على الإقصاء والتهميش واعتماده على التحالفات الدولية سيؤدي للانهيار التام ليس فقط للمجلس وحكومته بل للبلاد كاملة ووحدتها واستقرارها وقرارها الوطني.
ومثل هذا الخلاف الطارئ سيكون له دون شك تأثيره السلبي في الملتقى المرتقب المنوط به: اختيار مجلس رئاسي مؤقت وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل فيها كل ألوان الطيف السياسي الليبي واختيار قيادة عسكرية موحدة وأن يشكل أعضاء الملتقى البالغ عددهم 140 عضواً الهيئة التشريعية لحين انتخاب برلمان جديد.
إن مهمة الملتقى الجامع في توحيد الساحة الليبية في ظل المعطيات الحالية تبدو عسيرة للغاية، فكم من مؤتمر ولقاء خرج بتوصيات ومقررات وجدت القبول والترحيب من كل الأطراف التي شاركت فيها ومع ذلك تم إجهاضها لعدم توفر الإرادة السياسية وتضارب الأجندات.. وحتى مؤتمر الصخيرات الذي أفرز تشكيل المجلس الرئاسي وقيام حكومة الوفاق توقف في هذه المحطة ولم يغادرها حتى يومنا هذا. فهل ينجح الملتقى الجامع في العبور بليبيا إلى بر الأمان؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

alzahraapress@yahoo.com