محمد بن راشد.. الإنسان

15-01-2019

يوسف أبو لوز

لا يكفي أن تكون حاكماً مسؤولاً.. دبلوماسياً محترفاً، وخبيراً في مخارج ومداخل السياسة التي لها وجه اصطلاحي آخر هو «فن الممكن» وأيضاً، لا يكفي أن تكون قائداً حيوياً ديناميكياً في إدارة دولة أو في تدبير مؤسسة حكم، بل، إلى جانب كل ذلك، يجب أن تكون، أولاً وثانياً وثالثاً، إنسانياً في شخصيتك وأدائك ومسؤولياتك.. إنسانياً في ما هو حياتيّ ويومي ورسمي.. إنسانياً في القيادة والحكم والإدارة، والإنساني هو أخلاقي.. لا يضع قلبه ووجدانه وعقله في ثلاجة.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حاكم وإداري وقيادي وسياسي وعلى أية صفة قرأته فيها، تقرأ مع هذه الصفة، صفة الإنسان، وفي الحكم والقيادة والإدارة تلازمه إنسانيته، وأخلاقياته الموروثة من أجداد وآباء عائلة عريقة.

نقول ذلك، في ضوء ما كشف عنه محمد بن راشد من ردود فعل ذاتية مباشرة من سموه، وذلك في قلب مواقف سياسية فارقة وخطيرة في التاريخ العربي الحديث، إن سموه في ذروة شطط السياسة وتوتراتها وتهوّراتها أيضاً لم ينس أبداً أنه إنسان.

أخلاقيات وإنسانيات محمد بن راشد الشجاعة والمباشرة جاءت في كتابه الجديد «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً»، وأول هذه المواقف الإنسانية ردّة فعل سموّه على جنون الحرب الأهلية في لبنان، وهو هنا يتحدث بشغف عن بيروت التي أذهلته صغيراً، وعشقها يافعاً، وحزن عليها كبيراً، وسنعرف من خلال هذا الحدث السياسي اللبناني مدى نفور سموّه من القتل وأدواته ومنفّذيه في الحرب وفي غير الحرب، وهو موقف إنساني أخلاقي عندما يقول سموّه تعليقاً على ما تابعه في الحرب اللبنانية.. «..لم أتقبل في حياتي فكرة القتل وإزهاق الأرواح، ولم أفهم أبداً لماذا يحدث هذا في عالمنا..»، وهذا الموقف لا يصدر إلاّ عن رجل ينظر إلى المستقبل والتنمية وإيجابية الحياة، وسعادة البشر.

في الحرب الرعناء التي شنّها صدام حسين على الكويت،كان سموه في تلك الحرب المرّة، وكعسكري تحرّك الوازع الأخلاقي الإنساني في ضمير رجل قائد.. يقول.. «..كان من أولوياتي عند التعامل مع الجنرال = نورمان شوارزكوف = قائد قوات التحالف الدولي ، أن أجد طريقة للحد من حجم الخسائر لدى المدنيين، فلم يرغب شعب الكويت أو شعب العراق في الاجتياح، بل، كان عملاً أرعنَ، وكنت حريصاً على ألاّ يدفع الشعب ثمن هذه الحماقة..».

في مصفوفة كتاباته: «رؤيتي»، «ومضات من فكر»، «تأملات في السعادة والإيجابية»، وغيرها من رؤى وأفكار ومقاربات سموه، يُصدر فكراً وسلوكاً وتوجيهاً عن محمد بن راشد الإنسان، الأب، والأخ، والصديق، ولا ننسى أن هذه الشخصية الحازمة الصارمة في الوقت نفسه، هي شخصية تجمع بين الفارس والشاعر والقائد. وهو نسيج حاكم مركّب من قيمتين ساميتين: الإنساني، والخُلُقي.

yabolouz@gmail.com