«قصتي».. بكل محبة ووفاء

15-01-2019
مارلين سلوم

ليس كتابه الأول، ولا حكايته الأولى التي يرويها لنا عن سنوات مضت من القيادة والريادة في دبي.. لكن «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً» كتاب لا يشبه أي كتاب آخر، لأنه التأريخ الحقيقي لحقبة مهمة في تاريخ أمتنا العربية؛ ولأنه محكي بلسان قائد يشهد بالحق على ما دار في الأروقة وفي كواليس السياسة وفي القصور وجلسات ولقاءات الرؤساء والحكام. قائد شارك في صناعة المراحل، وصنع من دبي لؤلؤة لفتت إليها العالم وما زالت تتوهج، قرر اليوم أن يكتب سيرته وسير أوطان وشعوب، بكل أمانة وحكمة، ليرسم من جديد خريطة للماضي والحاضر والمستقبل.
في المقتطفات التي وصلتنا من «قصتي»، لا يمكنك إلا أن ترى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، زعيماً يغار على وطنه وشعبه وأمته، أميناً على كتابة الأحداث كما هي. يصل إليك بسلاسة وبساطة، وكأنه يخصك بالحديث ويروي لك الحقبات والحقائق لتفهم وتتعلم، دون الدخول في متاهات السرد الطويل والممل أو المعقد.
يغمس كلماته بحبر التواضع قبل أن تتلون بها الصفحات البيضاء، لتصل إلى القارئ مغلفة بالنقاء وموصولة من القلب إلى القلب. نادراً ما ترى أو تقرأ لقائد أو حاكم أو مسؤول يذكر الله مراراً وتكراراً، ويعيد إليه الفضل أولاً في كثير من المحطات المهمة في حياته وإنجازاته وما آلت إليه أحوال بلاده خلال مرحلة توليه المسؤولية. إنه الإيمان والتواضع الذي حكى عنه سموه في الكتاب، والذي تلمسه وتستشفه أنت كقارئ في كل موقف ومشهد.
القائد الإنسان، الرجل الحكيم والأب، الفتى رفيق والده «المتواضع الأقرب إلى الفطرة والناس»، والمتعلّم على مقاعد الحكام ووسط الملوك والزعماء. العائد إلى أحضان والدته الشيخة لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان، بكلمات الوفاء والحنان، واصفاً إياها ب «الرقيقة، الرفيقة، النادرة».. مانحاً من خلالها المرأة مكانة عظيمة، معيداً إليها الفضل في محطات مهمة من الحياة، مؤكداً أن «وراء كل رجل عظيم امرأة».
كيف تبنى الأوطان وكيف تهدم؟ قرارات القادة الصائبة، وقرارات البعض الخاطئة. الغرور وجنون العظمة، الداء الذي أصاب بعض القادة فسقطت العروش وتهاوت الدول. من عاند الزمن فدفع شعبه الثمن، ومن تحلى بالحكمة ووضع بلده وأهله في قمة أولوياته؟ كيف أذهلته بيروت وعشقها في صغره، وكيف تمزقت لاحقاً ونهشتها الحرب وانقسامات الطوائف قبل أن يصير لبنان ملعباً لبعض الدول، و«ساحة لتصفية كثير من الحسابات والصراعات التي لا تنتهي».. أزمات الكويت، العراق، ليبيا، سوريا.. كل العالم العربي يحتضنه محمد بن راشد في «قصتي»، ويتحدث عن ألم الشعوب بكل حرقة، ويسرد ما حصل بكل محبة ووفاء.

marlynsalloum@gmail.com