مطاردة «داعش» في ليبيا

15-01-2019
صادق ناشر

رغم الحملات العسكرية الكبيرة التي أطلقتها السلطات الليبية لمطاردة تنظيم «داعش» خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن بعض المناطق لا تزال حتى اليوم، تتحكم فيها عناصر التنظيم، خاصة في المناطق الحدودية مع تشاد والسودان، لهذا وسع الجيش الوطني من نطاق ملاحقته للتنظيم ضمن مهمة جديدة لضبط الأمن في هذه المناطق التي تمدد فيها «داعش» في الفترة الماضية.
الخطوة التي أعلنها مؤخراً قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، وتتضمن ملاحقة عناصر تنظيم «داعش»، جاءت بعد هجمات شنّتها الجماعات المسلحة المتعاونة مع «داعش» و«القاعدة» في المنطقة، التي تمثل ما يقرب من ثلث مساحة البلاد، حيث بدأ حفتر بالتركيز بشكل أكبر على مدن الجنوب، لطرد الميليشيات الأجنبية والتنظيمات المتطرفة منها، في إطار خطة لإحكام سيطرته على المناطق التي تعد مهمة للجيش والدولة الليبية، خاصة أنها تحتوي على أهم القواعد العسكرية، كما تأتي ضمن صراع مسلح مع قوات حكومة الوفاق الوطني للسيطرة على الأرض، وهو الصراع الذي يعد انعكاساً لحالة الانسداد السياسي في البلاد وعدم القدرة على التوصل إلى حل توافقي، رغم الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة، والدول الإقليمية، مثل مصر، إضافة إلى دول غربية أبرزها فرنسا وإيطاليا، اللتان تتنافسان على حضور قوي في البلاد.
كان من الواضح أن تنظيم «داعش» أعاد توزيع قواته ومناطق نفوذه في ليبيا، فتمدد إلى جنوبي البلاد بشكل لافت خلال العام الماضي، خاصة بعد تلقيه ضربات موجعة في الشمال، إثر عودة المئات من عناصره من العراق وسوريا إلى مناطق ساخنة في العالم، من بينها ليبيا، في محاولة منه لإعادة ترتيب صفوفه، وقد نفذ عدة هجمات في مناطق مختلفة من جنوبي وشرقي البلاد، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الأبرياء، إضافة إلى عناصر تابعة للجيش الوطني.
اتبع تنظيم «داعش» في ليبيا سياسة «ملء الفراغ»، والتي تتمثل في إعادة انتشار عناصره. فمن المعروف أن التنظيم حاضر بقوة في البلاد منذ ما بعد سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، على إثر احتجاجات العام 2011، التي اجتاحت عدداً من الدول العربية، وقد شكل هذا الحضور خطراً على الدولة الليبية، التي لم تتمكن حتى الآن من استعادة السيطرة الكاملة على كافة أراضي البلاد، إذ تتنازعها الميليشيات والجماعات المسلحة، ولا تزال هذه القضية متفاعلة منذ سنوات، خاصة مع انقسام البلاد بين حكومتين وبرلمانين.
لذلك ليس هناك من خيار أمام السلطات الليبية سوى التصدي لنشاط الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتخلص من حضورها في المشهد الدامي المملوء بالتحديات منذ سنوات طوال، وهذا يعني التحرك لقطع دابر خطر هذه الجماعات، التي تتسبب في مزيد من نزف الدم مع مرور كل يوم.
Sadeqnasher8@gmail.com