نتنياهو ينقل حملته الانتخابية إلى الخارج

15-01-2019
حافظ البرغوثي

ينقل رئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو حملته الانتخابية إلى الخارج بعد فشله في إبراز نفسه كقيادي داخلي في وجه ملفات الفساد التي تلاحقه، وفي خضم أزمته مع قطاع غزة. ولهذا فضّل أن تكون الساحة الدولية ميدانه الانتخابي للفت الأنظار الى نجاحاته الخارجية، وطمس الاتهامات التي قد تقدم ضده الشهر المقبل، خاصة أنه لم يجد شيئاً يفاخر به في مقابلة صحفية مؤخراً سوى قوله «منْ مِن قادة الأحزاب «الإسرائيلية» يستطيع مخاطبة الرئيسين بوتين وترامب مثلي؟». فهو سيزور تشاد لبدء علاقة دبلوماسية معها بعد زيارة الرئيس التشادي الى «تل أبيب» مؤخراً، حيث طالب بتزويده بأسلحة لمواجهة المعارضة في بلاده، ويشارك في مؤتمر لبحث الوضع في إيران والشرق الأوسط، يعقد في بولندا منتصف الشهر المقبل بمشاركة وزراء خارجية عرب، وبدعوة من الولايات المتحدة. وفي الشهر المقبل سيستضيف اجتماع مجموعة فيشيجراد المكونة من بولندا وسلوفاكيا وهنغاريا وتشيكيا المعروفة بمواقفها المغايرة للاتحاد الأوروبي بشأن «إسرائيل»، في محاولة لخلق لوبي في داخل الاتحاد الأوروبي، موال للاحتلال. وكانت هذه المجموعة اجتمعت قبل سنة ونصف السنة في بودابست. كما سيشارك في مؤتمر دافوس الاقتصادي قريباً، كما سيجتمع إلى الرئيس ترامب قبل الانتخابات بأسبوعين في واشنطن، حيث سيشارك في المؤتمر السنوي للوبي اليهودي الأمريكي (آيباك).
عملياً، يهرب نتنياهو الى الخارج من القضايا التي يواجهها داخلياً، حيث أحكم المستشار القضائي قبضته على نتنياهو الذي دافع عن نفسه في مؤتمر صحفي عاجل بمنزله، حيث وصف الإجراءات ضده بأنها غير منصفة، وطالب بمواجهة شهود الادعاء، لكنه تراجع عن المواجهة حتى لا يورط نفسه اكثر، ذلك أن أغلبية «الإسرائيليين» لا توافق على ادعاءاته بأنه يواجه إجراءات غير منصفة.
وبحسب استطلاع موقع «واللا» الإلكتروني، فإن 52% من «الإسرائيليين» يعتقدون أنه يجب على المستشار نشر قراره قبل الانتخابات، و20% فقط يعارضون ذلك.
وأظهر الاستطلاع أن 48% من «الإسرائيليين» لا يوافقون على ادعاء نتنياهو أن الإجراءات الجنائية والقضائية ضده غير عادلة، بينما يؤيده 36% فقط.
في المقابل، وفي وسط مصوتي الليكود، فإن 80% منهم يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يبقى في منصبه بعد تقديم لائحة اتهام ضده، بينما قال 79% منهم إنهم يتفقون معه على أن الإجراءات ضده غير عادلة.
لكن الخبر السار لنتنياهو في خضم موقفه الضعيف أمام القضاء جاء على لسان رئيس المخابرات «الاسرائيلية»، نداف أرجمان، الذي حذر من تدخل دولة عظمى سيبرانياً في الانتخابات، ورد نتنياهو بأن «إسرائيل» عصية على ذلك، وهي افضل دولة في هذا المجال. لكن السؤال هو: إذا كان رئيس المخابرات المعنية بكل الأسرار هو الذي يحذر، فكيف ينفي رئيس الوزراء؟ وقد رد رئيس رئيس شعبة الاستخبارات في الموساد سابقاً، حاييم تومر، على ذلك بقوله إنه إذا حاول الرئيس الروسي التدخل في الانتخابات، فإن ذلك سيكون في مصلحة نتنياهو. وقال في مقابلة مع الصحيفة الاقتصادية «الإسرائيلية» (جلوبس)، إن خطر التأثير الأجنبي في الانتخابات «قائم وملموس».
ورداً على سؤال بشأن ما الذي يدفع الرئيس الروسي إلى التدخل في ما يجري في «إسرائيل»، باعتبار أن ما حصل في الولايات المتحدة كان واضحاً، أجاب أنه قرأ مقالات تدعي أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يريد أن ينتج عالماً يناسب مفاهميه، وطابعه السلطوي. أما بالنسبة إلى «إسرائيل» فهو يعتقد أن بوتين معني بأن يبقى رئيس الحكومة الحالي في منصبه، حيث إنه يمكنه إجراء حوار معه، كما يجمعهما التقدير المتبادل لبعضهما بعضاً.
عملياً، ما زالت قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لمصلحة الرئيس ترامب تتفاعل، وما زال المحقق موللر يحقق فيها، ولم يعلن عن استنتاجات، لكن كما يبدو، فإن الرئيس بوتين كان يفضل نجاح ترامب على هيلاري كلينتون، رغم أن التدخل في الانتخابات لم يكن بتلك القوة، أو التأثير. فالتدخل السيبراني يتم بعدة طرق، إما عبر مواقع إخبارية تبث شائعات واخباراً للتشويش، وإما اختلاق صفحات وهمية بأسماء مستعارة أيضاً لترويج أخبار وتفاصيل غير صحيحة، وهي أيضاً غير مؤثرة، لأن الصفحات الوهمية تكون بلغة انجليزية ركيكة. لكن الأكثر تأثيراً هو اختراق حواسيب الأحزاب، ونشر إحصاءات وأسرار، أو ترويج إحصاءات غير دقيقة. لكن الجمهور اليهودي متعسكر اكثر من اللازم يمينياً، ولا تؤثر فيه كثيراً التدخلات السيبرانية الخفية، باستثناء قوة التأثير الروسي في المهاجرين من روسيا الى دولة الاحتلال، وما زالوا ينطقون بالروسية وعددهم يقارب مليون إلا قليلاً، ونصفهم ليسوا يهوداً بل من المسيحيين، وهؤلاء يمكن أن يكونوا القوة الانتخابية الخفية بيد الروس.
hafezbargo@hotmail.com