الحبل يقترب من عنق نتنياهو

15-01-2019
د. فايز رشيد

إعلان النيابة العامة «الإسرائيلية» قبولها بتوصية وحدة التحقيقات في الشرطة لمحاكمة نتنياهو، بتهم فساد وتلقي الرشوة وخرق الأمانة، في أربع قضايا، فذلك مفاده أن هذه التوصية سوف تخلق ضغطاً على نتنياهو، وتحاصره فعلياً، وستجبر المستشار القضائي للحكومة مندلبليت الذي يماطل منذ سنة كاملة بقبول التوصية، لذلك أعلن قبل أيام: «أنه سيعلن قراره بالحتم الشهر المقبل»، مما يعني أنه سيبدأ جلسات استماع من نتنياهو أو محاميه. وتشمل توصية النيابة الملفات الأربعة التي أوصت بها الشرطة. الأول والمسمى «الملف 1000» وهو تلقي نتنياهو هدايا بمئات آلاف الدولارات من صديقه الثري الأمريكي الصهيوني أرنون ميلتشين.
والثاني هو «الملف 2000»ومضمونه أن نتنياهو أجرى مفاوضات مع ناشر صحيفة «يديعوت أحرنوت» أرنون موزس كي تكون توجهات الصحيفة ودّية لدى تغطيتها أخباره، وفي المقابل يسعى نتنياهو لسن قانون يحد من انتشار صحيفة «يسرائيل هيوم» المجانية، رغم أن الصحيفة تدافع عنه. وفي هذه القضية أوصت الشرطة قبل 8 أشهر بمحاكمة رئيس الوزراء بتهمة الحصول على رشوة وخرق الأمانة، وقد قبلت النيابة العامة بتوصية الشرطة كاملة.
والثالث هو «الملف 3000» الذي يتناول تسهيلات ضريبية واقتصادية كبيرة سعى إليها نتنياهو لصالح الثري شاؤول إيلوفيتش، الذي كان صاحب السيطرة بالأسهم على شركة الاتصالات الأرضية، مقابل أن يحصل نتنياهو على تغطية ودّية في موقع «واللا» الإخباري الذي كان يملكه إيلوفيتش.
وكشفت الصحافة الصهيونية على مدار العامين الماضيين تفاصيل حول شكل تدخل نتنياهو مباشرة في تحرير الموقع، ثم إنه حاول دس أخبار ضد خصومه السياسيين. وفي هذا الملف أوصت الشرطة قبل أقل من شهرين بتقديم لائحة اتهام ضده حول تلقي الرشوة وخرق الأمانة. وقد قبلت النيابة بهذه التوصية كاملة.
أما القضية رقم 4000 فتتعلق بتلقي رشى من شراء صفقة الغواصات الألمانية.
وحسب محللي الصحافة «الإسرائيلية» والمصادر القضائية، فإن توصية النيابة للمستشار القضائي ستضعه في الزاوية، ولن يكون أمامه مفر من قبول توصيات جهازي الشرطة والنيابة العامة. وأيضاً بموجب القانون فإن المستشار القضائي يعلن من حيث المبدأ نيته تقديم لائحة اتهام ويعطي فرصة لمنتخبي الجمهور وكبار المسؤولين للاطلاع على الملف، قبل القرار النهائي، ليستمع إلى ردود طاقم الدفاع.. ومن ثم يصدر القرار النهائي.
وبما أن الحديث يجري عن عام الانتخابات البرلمانية التي ستُجرى في 9 نيسان/إبريل المقبل، فهذا يعني أن نتنياهو دخل فترة حساسة، لم يكن يحسب لها حساباً، لأنه سيخوض الانتخابات في ظل قرار بتقديمه للمحاكمة. القانون «الإسرائيلي» لا يلزم رئيس الحكومة بالاستقالة من منصبه في حال كان يواجه محاكمة ضده، إلا أن نتنياهو سيواجه ضغطاً للاستقالة من منصبه.
من ناحية ثانية، من قرأ بيان نتنياهو الذي وصف ب «الدراماتيكي» في بث مباشر من منزله الرسمي في القدس المحتلة قبل أيام قليلة، لاحظ الرعب في عينيه رغم سيرته الذاتية التي بناها على الصلف والعنجهية والبلطجة، والمحمولة على بعد آيديولوجي فاشي، والتي تقوم على أساس اعتبار نهر الأردن بضفتيه «جزءاً من أرض إسرائيل الكاملة»، ولا ترى في العرب سوى حطابين وخدماً لليهود، ولا تجوز معهم غير لغة القوة!
لكن، هل سينجو نتنیاھو من الاتهامات الموجهة إليه؟ لقد قال في بيانه: إن الهدف من الحملة عليه ما كان لها أن تكون بهذه الضراوة لو أنه «أعاد جيش الاحتلال إلى خطوط العام 1967وقام بتقسيم القدس» في مسعى منه لاستنهاض جمهوره من اليمينيين الذين باتوا يشكلون أغلبية الجمهور الصهيوني في دولة العدو. فضلاً عن رصيده الانتخابي الاستراتيجي المتمثل في نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية الذين يصوتون في أغلبيتهم لحزب الليكود.. أغلب الظن أن الحبل يقترب من عنق نتنياهو.
Fayez_Rashid@hotmail.com