موسم الهجرة إلى «هواوي»

14-01-2019

يوان رين *

حظيت بأول هاتف لي من طراز «آيفون» خلال عيد السنة الصينية الجديدة في 2012، ولم يكن الهاتف في حد ذاته شيئاً مما أرغب فيه، فلم أكن مهووسة بالتكنولوجيا كما هي الحال مع العديد من الناس اليوم، حتى إنني لم أكن أمتلك المال الكافي للحصول عليه بسبب أنني كنت حديثة التخرج وقتها.

ولكن عشاء خاصاً مع أحد أصدقاء أبي، كان سبباً في حصولي عليه، وكان هاتف «اس 4» عادياً بالنسبة لي، رغم الضجة الكبيرة التي أحدثها على مستوى العالم، وكان قد مضى على إصداره نحو سنتين، فلم يعد مثيراً كما كان في العام 2010. تنتشر في الأعراف الصينية ثقافة إعادة إهداء شيء ما، ولكن ما أعطاني إياه صديق والدي كان مستهلكاً جداً، وهو لا يعرف في الحقيقة أن هذه الأجهزة تعمل جيداً لفترة معينة ومن ثم تتباطأ تدريجياً.

حدث كل ذلك عندما كان اقتناء هاتف «آيفون» يمثل حلماً بالنسبة للصينيين، بفضل الجودة العالية والسمعة العالمية الكبيرة التي يتمتع بها، ولكن ما حدث خلال السنوات الماضية من تغيرات أمر مثير حقاً، فبعد أن حذر تيم كوك رئيس «أبل» المستثمرين الأسبوع الماضي من أن مبيعات الشركة في الصين تشهد تراجعاً ملحوظاً، بدا لي أن العملاق الأمريكي خسر مكانته وهالته التي كانت موجودة حتى وقت قريب لصالح منافسين آخرين، خصوصاً العلامة المحلية «هواوي» التي استطاعت تحويل أنظار المستهلكين إليها بكل جدارة، نتيجة لقربها من السوق ومعرفتها العميقة بالمتطلبات التي يحتاج إليها المستخدمون.

وعلى الرغم من أن «هواوي» واجهت صعوبة في بداية الأمر لإقناع المستهلك المحلي باقتناء هواتفها، إلى أنها حققت نجاحات باهرة في هذا الشأن حتى الآن، حيث قامت بدراسة سلوك مستخدمي الهواتف الذكية محلياً، وأنفقت الكثير من المال في تلك الأبحاث، وعززت من الثقافة المتمثلة في وجوب امتلاك هاتف ذكي بأسعار تكون في المتناول ومصحوبة بالجودة العالية، والأمر الذي عمل في صالحها هو أن الصينيين لا يميلون إلى ثقافة التحيز إلى المنتج الأجنبي، فهم يعتبرون أنفسهم من أكبر الدول الصناعية وأكثرها تطوراً وحداثة.

وفي الوقت الذي تتفوق فيه الصين اليوم على العالم أجمع في الكثير من المجالات التكنولوجية، فقد كان تفوق «هواوي» على «أبل» أمراً حتمياً، نتيجة الجهود التي بذلتها الشركة لجذب انتباه مستهلكيها المحليين، ورغم ذلك فإن «آيفون» لا تزال تحتفظ بمكانة كبيرة لدى الصينيين.

* واشنطن بوست