المسرح العربي في مصر

14-01-2019

يوسف أبو لوز

وحدة المسرح العربي، وتنّوعه، واجتهاداته الأدائية والإخراجية والتأليفية، ثم، تحوّله إلى ثقافة مجتمعية نخبوية وشعبية تجابه بصلابة ومبدئية أفكار الظلام والتعصب والجهل.. هذه المرتكزات وغيرها من أفكار ورؤى إنسانية جمالية هي معاً المحور الثقافي الذي تعمل عليه الهيئة العربية للمسرح منذ تأسيسها في العام 2007 وإطلاقها من القاهرة بتوجيه من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومقرّها في إمارة المعرفة والتنوير، وعملها إماراتي عربي عالمي أساسه أبو الفنون.. مسرح الحياة والإنسانية والتقاء البشر على فكر مدني حضاري قائم على السلام والعدل والمحبة.

إعلان تأسيس الهيئة العربية للمسرح من القاهرة.. له أكثر من دلالة، فالمسرح العربي جذره مصري، وأصوله أو قواعده تعود إلى أكثر من مئة عام.

المسرح المصري الذي تكرّمه الشارقة في القاهرة في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح العربي يستحق الحفاوة الإماراتية والحفاوة العربية أيضاً، فمنذ التجارب المسرحية المصرية الأولى على يد يعقوب روفائيل صنّوع 1839-1912، ومذ مارون النقّاش 1817-1855.. التاجر اللبناني الذي شغفته الستارة والخشبة أكثر من المال، مروراً بصانع الضحك (والبكاء) الكبير نجيب الريحاني 1889-1949.. ثم سيد درويش، زكي طليمات، يوسف وهبي، سعد أردش، الفرج فرج، كرم مطاوع وغيرهم من بنّائي الخشبة القدامى، والوسيطين، والمخضرمين، والمحدثين.. منذ أولئك الرجال والنساء الذين نذروا حيواتهم للفن الجماعي الذي يُسمّى فن الهواء الطلق لأنه يجدد التنفس والدورة الدموية والدورة الروحية والقلبانية والفكرية.. وحتى اليوم، ومصر الولّادة، لم تبخل بالإنجاب والخصب، ليس في المسرح فقط، بل، وفي الأدب والفنون والمعرفة والعلوم.

الشارقة تحتفي بخمسة وعشرين من الممثلات والممثلين والكتّاب المسرحيين في مصر.. وهؤلاء الرموز من رجال ونساء هم صفّ عربي مصري مؤسس وصف رائد وصف قائد أيضاً، فهم بالنسبة للأجيال المسرحية الجديدة والشابة في مصر والوطن العربي أساتذة ومربّون ومعلّمون، وهم شهود عيان على نموّ فن الخشبة العربي المصري منذ ستينات أو سبعينات القرن العشرين وحتى اليوم، وخلفهم تراث مسرحي ماثل في الذاكرة الثقافية العربية، ولهم تاريخ مسرحي لا يمكن تجاهله.

المسرح العربي في مصر اليوم.. عنوان تفاؤلي تماماً. مملوء بالأمل تماماً، فإذا كان من حلم بوحدة عربية متخيّلة أو مُتوقّعة أو منتظرة.. فأوّل بشائرها وإشاراتها.. المسرح العربي.

yabolouz@gmail.com