عن عمان

14-01-2019
إبراهيم الهاشمي

بلد تألفه ويألفك.. لا تشعر فيه بالغربة.. تشعر بود وطيبة ناسه مع أول حديث، لهم سحر خاص يميزهم ويجعلهم يدخلون القلوب من كل أبوابها. سلطنة عمان بشرٌ ومدر.. كلها خير.
أزور مسقط هذه الأيام بعد وقت طويل من آخر زيارة، ازدادت بهاءً بعبق خليط عريق من الأصالة والحضارة. وازداد شعبها طيبة فلم تغيره الأيام ولا السنون، مضياف بطبعه، كريم دون تزلف، لا تملك إلا أن تحترمه وتقدره.
قادني تجوالي في مسقط هذه المرة إلى مكان أزوره للمرة الأولى، هو متحف بيت الزبير الذي يؤرخ لحقبة زمنية مهمة من تاريخ عمان، بما يحتويه من وثائق وصور وخرائط وتحف ومقتنيات، تصور الأزياء العمانية البديعة والأسلحة بأنواعها ومقتنيات البيوت من قدور وأوان ودلال للقهوة. تجولت بين غرفه وزواياه وجدرانه، فتراءى لي الزبير بن علي صاحب هذا البيت مرحباً مهللاً بنا في داره العامرة وعلى يمينه السيد محمد بن علي بوذينه والد زوجته الأولى السيدة زليخة. تخيلتهم رحمهم الله في ذلك البيت العامر الجميل الذي تحول إلى متحف بديع على يد أبنائه وأخذتني الذاكرة إلى سيدة ذلك البيت الأولى التي كانت تزور بيتنا بين فترة وأخرى بحكم القرابة وصلة الدم، التي كنا نعتبرها منارة للعلم والمعرفة، لا يفارقها الكتاب أينما كانت، واشتهرت حينما عادت إلى أهلها في أبوظبي بالقراءة والكتابة؛ فوالدها كان شيخ الشرع في أبوظبي ومؤسس مدرسة في مسقط ما زال مبناها قائماً يحمل اسمه.
أما سوق مطرح فهو قصة أخرى من قصص الجمال العمراني العماني، يعود بك إلى عبق التاريخ برائحة اللبان المميزة، وتعدد زواياه وممراته التي تقود إلى أسواق متخصصة مختلفة، وبشاشة التاجر العماني التي لا تتغير ولا تتلون مع الوقت.
لعمان رائحة خاصة تعرفها مع أول حديث مع أي عماني تقابله؛ فتقع في حبها والإعجاب بها وبأهلها وببحرها وشجرها وجبالها وطبيعتها الخلابة. تمنحك السكينة والطمأنينة كأنك بين أهلك وناسك، فلا تشبع من «الحلوى العمانية» ذات المذاق الخاص.
عمان هي عمان منذ أن عرفناها ونحن أطفال صغار، لها قرب القريب الوثيق، صلة الأرحام والأهل والأقارب، ولها نغم في القلب لا يتغير لأن أهلها هم أهلها الذين عرفناهم شيمةً وطيبة وأنفة.
تحية من القلب لعمان التي تستقبلك بابتسامة وتودعك بابتسامة ودعوة للقاء قريب.