مشكلة إصلاح الآخرين

14-01-2019

شيماء المرزوقي

نغفل عن واحد من أهم أسباب الخلافات والمشاكل والتوترات التي تقع بين الأقارب أو بين الناس تجاه بعضهم البعض بصفة عامة، وهو التدخل في شؤون الآخرين، وإقحام النفس في ما ليس لهم به علاقة أو رابط.

ومثل هذه التدخلات تسبب انهياراً للصداقات والعلاقات بصفة عامة، ورغم أن كل واحد منا مسؤول مسؤولية تامة عن تصرفاته الذاتية وعن أخلاقياته وقراراته، إلا أنه يحدث في البعض من الأحيان أن يزج البعض بنفسه ويقحمها ويحاول أن يقرر بدلاً من صاحب العلاقة.

صحيح أننا نصطدم ببعض السلوكيات غير المستحبة، ولكن لماذا لا نسأل أنفسنا: ماذا عن ممارساتنا وسلوكياتنا نحن؟ هل هي بنفس هذا المستوى الذي نراه يصدر من البعض؟ بمعنى: لماذا نتعارك ونتخاصم مع الآخرين بسبب مسلك لا نحبه، بينما لا نستغل هذه الملاحظة في تقييم أنفسنا وأن تكون بمثابة الصدى والرجع الذي يجعلنا نحاسب أنفسنا ونقيمها، بدلاً من محاولة إصلاح الآخرين؟

المشكلة ليست أن تعمل على إصلاح وتقويم الآخرين، لكن المشكلة تتمثل في نسيان النفس والذات والتوجه نحو الآخر بالنصيحة وأنت لم تسدها لنفسك. كم مر ويمر بنا أناس يأخذون على عاتقهم رفع شعار إصلاح المجتمع بينما هم أكثر الناس حاجة للإصلاح والتقويم؟ ولن أذهب بعيداً، وأقدم مثالاً للمزيد من التوضيح وهو يتعلق بتلك الفئة التي زعمت حملها الدعوة إلى الله، كفضيلة ورسالة، وظهرت على شاشات التلفاز تحدث الناس عن القيم والمبادئ، وعن سماحة الإسلام، والحث على الطاعات...إلخ.

ثم تكشفت ذيول الخيبة عندما ظهروا من أتباع «الإسلام السياسي» والتنظيم الإخواني الإرهابي وأن هدفهم ليس الإسلام وخدمة الناس بقدر أن الهدف الرئيسي التمكين وحكم رقاب الشعوب والمجتمعات. وهم لتحقيق هدفهم وقصدهم، يحلون ما يحرمه الله، ويحرمون ما حله الله، بل وصل الحال بهم لإصدار فتاوى تجيز التفجير وإزهاق الأرواح والأنفس الزكية، فنشروا الكراهية والتعصب. والنظر نحو الكثير من المجتمعات في عالمنا العربي، التي يكتوي البعض منها حتى يومنا بالحروب الأهلية والتقاتل وسفك الدماء البريئة خير شاهد ومثال.

مرة أخرى، أدعو الجميع للعودة والنظر نحو النفس والعمل على إصلاح أي خلل يصيبها أو أي اعوجاج يعتريها أو أي قتامة تتلبسها، ولننشغل بإصلاح الذات ونبتعد عن تتبع سقطات وزلات الآخرين.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com