القيم.. تحمي المجتمع

12-01-2019

شيماء المرزوقي

رغم أن القيم والمبادئ ممارسة وفعل على أرض الواقع، إلا أنها أيضاً ثقافة ومعرفة، بمعنى أن الإلمام بها مطلب، ولعل الخطوة الأولى في الإعلان عنها وعن حضورها، هي معرفة الناس بجوانبها وعمقها ومدى أثرها في قوة المجتمع والفرد، وأيضاً مدى ما تمنحه من مساحات للإبداع والابتكار والتطور.

أي مجتمع يولي العناية والاهتمام بتنمية القيم الجميلة والمبادئ العظيمة، مثل التسامح، هو مجتمع ناهض نحو المستقبل باندفاع ورؤية واضحة، لأن الاهتمام بمثل هذه القيم يعني في المقام الأول التخلص من أية شوائب قد تعوق المسيرة والنظر نحو قادم الأيام. وإذا وضعنا مقياساً نقيس بواسطته الفوائد التي تنهال علينا عند الاهتمام بتنمية الحس القيمي في المجتمع، فإننا سنلاحظ دون أدنى شك أننا أمام جملة من المكاسب بينما لن تجد أي ضرر أو سوء أو أية نتيجة غير مستحبة.

ورغم أن هذه الفضيلة الواضحة من الفوائد العظيمة، فإن هناك تناسياً أو غفلة أو عدم اكتراث بتنمية القيم والمبادئ في المجتمعات ولا يوجد جهد لنشرها بين الناس ولا تنمية المعارف عنها وحولها ولا أية محاولة لتصبح واقعاً يتعايش به الناس في أوساطهم ومحيطهم. وهناك أسباب لمثل هذا التجاهل، فإما أن يكون صناع القرار مشغولين بمعالجة قضايا ومواضيع يرون أنها أكثر إلحاحاً وأهمية، وإما لتدني المعرفة والعلم وهنا يكون للجهل الكلمة الفصل، وإما للمراهنة الخاطئة على الناس وما يملكونه من قيم الآباء وما توارثوه، دون التفكير في أثر الحياة المادية القاسية وما قد تكون أحدثته من قسوة في القلوب، وقد تكون هناك أسباب أخرى، لكن الواضح أن هناك خطأ جسيماً تم ارتكابه.

الاهتمام بالقيم والعناية بها ومن أعظمها وأهمها التسامح، كفيل بأن يوجه رسالة للجميع بأنه أمام عدالة تتعلق بالمثالية كإنسان ثم العدالة القانونية، لذا يصبح أمام كل واحد منا خطوات متعددة قبل تجاوز القانون العام أو قبل ارتكاب أي خطأ ضد الآخرين، وهي القيم والمبادئ التي ستمنعه أو قد تردعه، فهو يعيش في مجتمع ينعم بالتسامح والتقبل والإيثار والمحبة، وعندما يخرج عن هذا الإطار فإنه يكشف عن نفسه، ويكون كأنه صوت نشاز لا يقبله أحد، وهذا خير ما يعيد الإنسان لتوازنه، وبالتالي فإن القيم ومنها التسامح، تصبح بمثابة جدار قوي يمنع الانزلاق نحو الجريمة أو ممارسة أي فعل خاطئ ضد الآخرين.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com