بومبيو في العراق

12-01-2019
صادق ناشر

في محاولة لترميم الضرر، الذي أحدثته الزيارة، التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قاعدة «عين الأسد» الجوية في الأنبار العراقية، قبل ما يقرب من أسبوعين؛ لتفقد القوات الأمريكية، المتواجدة هناك، من غير أن يلتقي أي مسؤولين فيها، طار وزير الخارجية مايك بومبيو إلى العراق، والتقى الرئيس برهم صالح، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ومسؤولين آخرين، بعد وصوله إلى بغداد في زيارة غير معلنة مسبقاً، تأتي ضمن جولة يقوم بها في دول المنطقة، بدأها من الأردن.
يدرك الوزير بومبيو أن الخطوة، التي أقدم عليها ترامب، جانبها الكثير من الصواب، وتعرضت للكثير من النقد داخل الولايات المتحدة، وفي العالم العربي؛ إذ إنها جاءت مفاجئة للعراقيين، وللأمريكيين أنفسهم، وقد زارها خائفاً كما غادرها خائفاً، وهو ما أفصح عنه في سلسلة تغريدات، نشرها بعد الزيارة.
لقد كان من الأفضل لترامب أن يكون أكثر وضوحاً في التعاطي مع الزيارة حتى تكتسب أهميتها، وقيمتها الرمزية، ولا بأس من الذهاب إلى القاعدة الأمريكية في الأنبار، خاصة وأن مثل هذه الخطوات، تحولت إلى ما يشبه التقليد السنوي لرؤساء الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة؛ لكن كان على المسؤولين العراقيين أن يكونوا أصحاب الأرض والسيادة عليها، إلى جانبه.
في زيارة وزير الخارجية بومبيو تعود الأمور إلى نصابها، وإن بدا للرأي العام الداخلي، أنها حملت رد اعتبار للدولة العراقية، إلا أنها، كما يبدو، خطوة هدفت إلى طمأنة حلفاء الولايات المتحدة، أنها لا تزال تعد لاعباً أساسياً في المنطقة، ولن يؤثر في هذا الدور، ما أقدمت على اتخاذه مؤخراً؛ المتمثل في سحب قواتها من شمالي سوريا، وهو القرار، الذي لا يزال يثير ردود أفعال كبيرة في الداخل الأمريكي وخارجه.
لقد بدت الدوافع، التي أدت بالرئيس ترامب إلى اتخاذ القرار الخاص؛ بسحب القوات الأمريكية من سوريا غير مفهومة للمسؤولين العراقيين، كما هي الحال لدى عدة أطراف، خاصة وأن الحرب لم تنته تماماً ضد تنظيم «داعش»، رغم إعلان السلطات العراقية النصر على التنظيم نهاية العام قبل الماضي؛ إذ لا يزال يحتفظ بجيوب صغيرة وخلايا في مناطق جبلية وصحراوية، خصوصاً قرب الحدود مع سوريا المجاورة، وبإمكانه شن هجمات، وهو ما أثبتته التطورات الأخيرة.
تبدو جولة بومبيو في المنطقة، وكأنها تستهدف إنقاذ الفشل الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، الذي تسببت فيه الأخطاء الاستراتيجية للرئيس دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل أكثر من عامين، خاصة في ظل التطورات المحتملة في المنطقة، التي أعادت رسم المشهد بشكل كامل؛ لكن هل يمكن أن يصلح بومبيو أخطاء رئيسه، أم أن الوقت قد فات على أي أمل في إعادة الأمور إلى نصابها؟

Sadeqnsher8@gmail.com