أين كنا وكيف أصبحنا؟

12-01-2019
محمد خالد

السؤال الصاعق: أين كنا وكيف أصبحنا؟
* أين كنا؟
العروبة هي حاضنة الحضارة التي صنعها المسلمون والمسيحيون العرب في واحدة من أهم حضارات التاريخ العشر:
الحضارة اليونانية وجوهرها الفلسفة. الحضارة الرومانية: القانون. الحضارة الفرعونية: الخلود. الحضارة الصينية: الحكمة. الحضارة الفارسية: التصوّف. الحضارة المسيحية: المحبة. الحضارة الأوروبية: الحرية. الحضارة العربية: العدالة. الحضارة الهندية: السلام. الحضارة الأمريكية: التكنولوجيا.
في تاريخ فتوحات أغنت العالم مدة ١٥٢٥ سنة:
عهد الخلفاء الراشدين ٢٥ سنة. الإمبراطورية الأموية ٢٠٠ سنة. الإمبراطورية العباسية: ٥٠٠ سنة. الإمبراطورية الأندلسية ٨٠٠ سنة.
في عهد الخلفاء الراشدين تمت هزيمة أكبر إمبراطوريتين في ذلك الزمن: الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية.
قال الأمير الأندلسي اليافع لأمه: «أماه: سيفي قصير»، فقالت أمه لابنها بحزم: «تقدم خطوة إلى الأمام يصبح سيفك أطول».
خطب الخليفة عمر بن الخطاب في جماعة من الناس قائلاً: «أيها الناس، لو رأيتم فيّ اعوجاجاً فقوموني» فرد عليه، شجاع لم يذكر التاريخ اسمه: «والله يا عمر... لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بحد السيف».. هكذا كان أجدادنا الأوائل.
* كيف أصبحنا؟
لا يجب أن نلجأ للماضي الناصع تعويضاً عن الواقع الحالي المأزوم، فرشوة الذات هي أسوأ أنواع المخدرات الممنوعة. ولا مجال للبكاء على الأطلال وعلى اللبن المسكوب.
الهزائم التاريخية مسؤولية الرجل الذي تجرع كأس الحنظل:
هزيمة الأندلس ٨٠٠ سنة
ضياع الاسكندرون لتركيا ٤٠٠ سنة
خسارة الأهواز/ عربستان لإيران ١٠٠ سنة
ضياع فلسطين لليهود ٧٠ سنة.
انفصال السودان عن جنوبه - احتلال اليهود للجولان السوري تمهيداً لضمه لفلسطين المحتلة.
انحسار الإمبراطورية العربية وتقلصها إلى ٢٢ دولة مشتتة كل واحدة ترفع شعاراً هزائمياً يقول: «أفضل أن أكون انهزامياً وأعوم على أن أغرق ومبادئي ملتفة حول عنقي».
ذلك يذكرنا بأكبر كارثة حلت بهزيمة الأندلس بعد إقامة ٨٠٠ سنة لم نستطع خلالها أن نصبح إسباناً من أصل عربي بإرادتنا الحرة، لأننا لم نكن أحراراً بما فيه الكفاية فحلت علينا لعنة التاريخ. (ويل للبشرية إذا انتصرت الجيوش وهزمت المبادئ).
قدم العرب الأوائل للعالم اختراعاً عبقرياً هو أساس نهضة العلوم: الصفر.. العرب الأواخر أزاحوا الصفر وجلسوا مكانه.
العرب الأوائل بنوا حضارة منحوتة من الصخر، العرب الأواخر صار الوطن بهم قطعة جبنة طرية تنهشها أسنان الحليب.
عام ١٩٦٧ قال رئيس وزراء «إسرائيل» ليفي أشكول: لقد أعلن العرب علينا «الكلام المسلح»، فأعلنا عليهم الحرب المسلحة، وربحنا.
يقول بطل الهند التاريخي غاندي: «نحن نؤمن بالكفاح السلمي ونبذ العنف، ولكن بين الجبن والعنف فإنني أختار العنف».
يا للتناقض الصاعق وتبدل الأدوار التاريخية بين الأسد العربي السابق الذي كان يحمل أنياباً حديدية ومخالب تطحن الصخور الصماء، واليهودي الذي يحمل أسنان الحليب والذي استبدلها بأنياب فولاذية ومخزون نووي لأكثر من ٢٢٠ قنبلة محفوظة ل٢٢ دولة عربية لكل دولة لها عشر قنابل يتحكم فيها حالياً جندي يأخذ أوامره من السلطة السياسية.
ولكن صعود العنصرية الصهيونية ينذر بانتقال الحكم الحالي كلياً إلى حكم ديني عنصري، أي إلى حاخام يأخذ أوامره من التلمود ويضع إصبعه على الترسانة النووية كلها، حيث إن أحد الوزراء الصهاينة هدد بتدمير السد العالي وإغراق مصر كلها.
الخلية الأساسية لبناء الأوطان والمجتمعات هي مثلث (رجل وامرأة وطفل).. في الوطن العربي سقط الرجل وبقيت ثنائية (امرأة وطفل).. لا أحد ينسى أن الطفل هو ابن الرجل.. هكذا تستمر الحياة.
يقول الشاعر الفلسطيني الشهيد (كمال ناصر):
أمتي هل أصبت بقحط الرجال

أما من فتاة لهذا الوطن
شاعر العربية العظيم (المتنبي) يلهم ثنائية (امرأة وطفل) عبر ١٣٠٠ سنة ببرنامج عمل ببيتين من الشعر قائلاً:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
ويا أيها الثنائي الرائع، دعونا نرى أسنانكم التي تطحن الصخر.
دعونا نغني بفرح مع الفنان محمد منير:
عَلّي صوتك بالغنا
لسه الأغاني ممكنة