الجهات التنظيمية والبيانات

11-01-2019

مايكل ادادي*

شهد العام الماضي الكثير من المشاكل التي ارتبطت بشركات التكنولوجيا الكبرى والكيفية التي تتعامل بها مع بيانات المستخدمين والاحتكار وغيرها، إلا أن «فيسبوك» حظيت بالاهتمام الأكبر، بعد أن تكشفت قضية كامبردج أناليتيكا، وهي المؤسسة التي تمكنت من اختراق بيانات أكثر من 85 مليون مستخدم لاستخدامها في أغراض سياسية. تلك القضية الكارثية لا تزال أصداؤها تطارد «فيسبوك» حتى الآن، ولا يبدو أن العالم سينساها قريباً بسبب الأثر الكبير الذي أحدثته.

تلك المؤسسة استغلت بيانات المستخدمين بدون الحصول على موافقتهم، ولكن إذا ما نظرنا إلى الأمر من زاوية محايدة، سنجد أن «فيسبوك» هي من تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، لأنها هي من سمحت لآلاف الشركات والتطبيقات ووسطاء البيانات بالحصول على تلك البيانات واستغلالها لسنوات طويلة. المشكلة لا تقتصر على «فيسبوك» فقط، «أمازون» و«جوجل» أيضاً اتهمتا باستغلال بيانات العملاء لأغراض تجارية دون الرجوع إليهم.

إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية ضيقة واقتصرنا المشكلة في عمالقة التكنولوجيا فقط، فلن نتمكن أبداً من حلها، فأولاًَ يجب علينا النظر إلى الأعراف التي تعمل بها جميع شركات التكنولوجيا الكبيرة منها والصغيرة، فجميعها يطلب أولاً الحصول على معلومات المستخدم وبريده الإلكتروني، وتعرض الكثير من الشروط والقوانين مقابل استخدام الشخص لموقعها أو خدماتها، وهي الشروط التي لا تلتزم بها هي أولاً في أغلب الأحيان. ولكن ماذا إذا كانت جميع تلك الاتفاقيات غير ضرورية في المقام الأول؟ من جانبي أرى أنها غير ضرورية إلى المدى الذي تصوره تلك الشركات.

لماذا لا تقوم الجهات التنظيمية بإلزام جميع الشركات التكنولوجية والمواقع الإلكترونية بنموذج موحد لشروط الاستخدام؟ ويكون مختصراً ومفهوماً للعامة، إذا ما حدث ذلك، فإنني أستطيع أن أجزم أن الجزء الأكبر من المشاكل التي تسببت فيها القوانين الفردية الخاصة لكل موقع أو شركة، لن يتكرر مجدداً، حيث إن شركة مثل «جوجل» قامت بتغيير شروط استخدام خدماتها أكثر من 5 مرات خلال الأعوام الماضية، بما يتماشى مع مصالحها التجارية أولاً.

كثيرون يتفقون معي في مسألة وجوب وضع قوانين لمنع الاحتكار على شبكة الإنترنت وعزل تلك المجموعات النافذة عن بعضها بعضاً، وتعديل عقود الاستخدام التي تفرضها علينا تلك المواقع بما يصب في صالح المستخدم في المقام الأول. تلك الشركات لديها الفرصة الآن لتتصرف بحكمة وتعدل مسارها وتغير نموذج عملها إلى الابتكار بدلاً من استغلال البيانات، بما يعود بالفائدة على المستخدمين.

* فيوتشر داتا