تجاوزات الأطباء

الإفراط في استخدام الخدمات الصحية قضية مهمة تتحملها بالدرجة الأولى المنشآت الصحية، وبالذات الخاصة منها، والكوادر الطبية، ونقصد هنا الأطباء الذين لا يتوانون في طلب قائمة طويلة من الفحوص التشخيصية والتحاليل المخبرية، وكتابة عدد كبير من أصناف الأدوية، من أجل تسمين قيمة فاتورة العلاج، وحتى يحظى الطبيب المعالج برضا الإدارة الطبية.
أغلبية الإدارات في المنشآت الصحية الخاصة، تُقيّم الأطباء العاملين لديها في مختلف التخصصات لاستمرارهم في العمل من عدمه، بناء على الدخل الذي يحققه الطبيب في نهاية اليوم، لدرجة أن بعض المنشآت الصحية الخاصة إن لم تكن أغلبيتها تحدد مبلغاً معيناً يجب على الطبيب تحقيقه، ويعتبر مقصِّراً إذا لم يصل إلى المبلغ المطلوب إدخاله للمنشأة شهرياً.
هذا ما يفسِّر أن العديد من الحالات المرضية البسيطة فوجئت عند مراجعة طبيب ما، في منشأة صحية خاصة بوضعها تحت المراقبة لعدة ساعات، مع إعطاء أدوية وريدية، وإجراء سلسلة طويلة من التحاليل المخبرية وصور الموجات الصوتية، ويصل الأمر إلى طلب صور أشعة مقطعية، والهدف تحقيق أكبر مردود مادي.
مثل هذه التجاوزات والتصرفات غير المقبولة، المسؤول عنها بالدرجة الأولى هو الطبيب المعالج، ثم إدارة المنشأة الصحية التي تتسبب في زيادة الضغط على الخدمات الصحية، سواء التشخيصية أو العلاجية، وإساءة استخدام هذه الخدمات، مما يؤدي إلى ظاهرة الطوابير ومواعيد الانتظار الطويلة، ومعاناة المراجعين بقضاء ساعات طويلة في المنشآت الصحية من دون الحاجة إلى ذلك.
الأمر الآخر أن المريض يتضرر من هذه التصرفات غير المسؤولة، بسبب أن التغطية التأمينية تنتهي خلال الأشهر الأولى من بدء سريان وثيقة التأمين؛ لأن هناك مبلغاً محدداً كحد أعلى لوثيقة التأمين. وفي حال الوصول إلى هذا المبلغ يطلب من المريض حامل وثيقة التأمين، تسديد قيمة الخدمات المقدمة له، وعلى وجه الخصوص الأدوية، وبعض الفحوص ذات التكلفة العالية.
أغلبية المرضى الذين يعانون الأمراض المزمنة يحملون وثائق التأمين بمختلف أنواعها، ويجدون أنفسهم مضطرين لتسديد ثمن أدوية الأمراض المزمنة التي يصفها الطبيب المعالج قبل انتهاء وثيقة التأمين الصحي بعدة أشهر، والسبب هو الإفراط في استخدام الخدمات الصحية، فأين دور القطاعات الصحية في مراقبة ومحاسبة الأطباء والمنشآت الصحية غير الملتزمة؟ التي تسعى إلى الربح المادي على حساب صحة المرضى.
Salam111333@hotmail.com