ركائز النهضة اللغويّة

10-01-2019
عبداللطيف الزبيدي

هل درست الأوساط الثقافية انعكاسات التشظي العربي على اللغة والثقافة؟ الذين يهملون حياة اللغة، لا يعرفون ما هي الثقافة والعلوم والمعارف. الأخطر هو توهّم أن تكون اللغة والثقافة بخير، حتى حين تكون مقوّمات العالم العربيّ متداعية. من هذا المنطلق يكون الحديث عن حدّ فاصل بين السياسيّ والثقافيّ مجرد خدعة لحرف الأذهان عن رؤية الحقيقة.
العربية تعني لسان الحياة لدى أربعمئة مليون آدمي. تحظى بما يحظون به من عناصر القوة، ويصيبها ما يعانونه من ضعف، وهي لغة واحدة غير قابلة للتجزئة، فلا يمكن أن تكون متقدمة في بلدان، ومتخلفة في أخرى. يجب الاعتراف بأن الفارق الوحيد بين الدول العربية، في هذا المجال، ليس سوى مستوى التعبير عن حبّ اللغة عبر المنتديات التي تُطرح فيها المشكلات والنوايا الحسنة.
لغتنا في مأزق، لكن الأهمّ هو أن المأزق مأزق أربعمئة مليون عربي في اثنين وعشرين بلداً. لا وجود لحلّ آخر غير انطلاق عجلات التنمية الشاملة القائمة على البحث العلميّ في كل الميادين. لكن، علينا تجنّب الوقوع في فخاخ الإحباط. ليس شرطاً أن تنطلق التنمية متساوية في كل الديار العربية، يكفي أن يوجد مركز ثقل، مثل مصر التي كانت دار الزعامة الثقافية، أو أيّ مركز جاذبية جديد، مع ضرورة بناء خصوصية تنموية بعيدة من تقليد النهج الغربي، حتى لا تصاب البلدان بمظاهر رأسمالية من دون رأسمالية. عندئذ تبدأ المسيرة النهضوية الشاملة، التي ستصل تغذيتها إلى كل خلايا اللغة العربية، وإلى كل نسيج ثقافيّ.
عدم الإلمام العميق بآليات حياة اللغة وأدوائها، يجعل الكثيرين حتى من المثقفين، يتصوّرون أن اللغويين وأهل الثقافة والإعلام، يستطيعون النفخ في اللغة فيهبّ الفينيق. حياة العربية رهن بنهضة عربية تقوم على نظام تربية وتعليم جديد يؤدي إلى تنمية شاملة. ماذا فعلت الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التدويخيّة: للعرب ثروات طائلة، لكن لغتهم تعاني سوء التغذية.
abuzzabaed@gmail.com