الصين والهيمنة على التكنولوجيا

09-01-2019

جوناثان كير *

تعد الصين اليوم أكبر منتج للبيانات حول العالم، حيث يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت فيها نحو 1.5 مليار شخص، وقد مكنت الطفرة المعلوماتية وحجم البيانات التي تمتلكها الصين من قدرة شركاتها على أن تبوأ مكانة كبيرة بين الشركات العالمية، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات التي تمحورت حول إمكانية أن تصبح الصين المتحكم الأول في قطاع التكنولوجيا العالمي خلال السنوات المقبلة، خصوصاً التقنيات الجديدة التي تتضمن الذكاء الاصطناعي.

ولكن الكثيرين يرون أن البيانات في حد ذاتها ليست وحدها الأداة التي يمكن بها الهيمنة على هذا المجال وتسيده تماماً. تمتلك شركات التكنولوجيا العملاقة ملايين المستخدمين، ولتأكيد جميع التكهنات التي تشير إلى أن الصين سوف تكون المسيطر الأول على قطاع التكنولوجيا في المستقبل، بفضل امتلاكها لأكبر عدد من السكان على مستوى العالم، فإن حجم مستخدمي مواقع التكنولوجيا يمكن أن يقودها إلى السيطرة على قطاع التقنية العالمي خلال سنوات معدودة.

المستخدمون يضيفون المزيد من المعلومات والبيانات إلى القواعد التي تستخدمها تلك الشركات، وهو ما ينطبق أيضا على الهند التي تمتلك ثاني أكبر نسبة مستخدمين للإنترنت والتكنولوجيا الحديثة. ويمكن من خلال إيجاد الطرق المناسبة توفير قواعد بيانات ضخمة من حيث الحجم والفاعلية والقابلية للاستفادة منها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من التقنيات الحديثة، حيث إن منصات التواصل الاجتماعي التي تمتلك مئات الملايين من المستخدمين النشطين شهرياً لا تقل تنافسية عن الشركات المحلية مثل «وي شات» التي يستخدمها نحو مليار شخص في الصين.

الأمر الذي يدعو للدهشة، هو أن شركات التكنولوجيا الكبرى لا تقوم باستخدام البيانات والاستفادة منها بطرق بسيطة، إذ إنها تعتمد في ذلك على استخدام آليات تتضمن التحليل المعقد، وهي بعض الآليات التي يتم تطبيقها في الغالب على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداخل فيها المعلومات بشكل يجعل من الصعوبة الاستفادة من كل البيانات فيها بطريقة منفصلة.

ورغم امتلاك الصين نفوذا كبيرا في مجال التكنولوجيا، فإن أعداد المتخصصين في التعامل مع هذا الكم الكبير من البيانات يبدو ضئيلا جدا، وقد سعت الحكومة إلى التعاقد مع خبراء أجانب بحوافز ضخمة، ولكنها أخفقت في ذلك، وعزا المراقبون الأمر إلى القيود المفروضة على الإنترنت في الصين، خاصة وأنها تحظر العديد من المواقع العالمية الشهيرة ومنصات التواصل الاجتماعي، وهذا لن يساعدها في تحقيق هدفها المتمثل في السيطرة على مجال التكنولوجيا على مستوى العالم.

* بزنس إنسايدر