سلطان المعلّم والمثقّف والأب

09-01-2019

ابن الديرة


لا تملك نفسك من الانشداد بكلّيتك وأنت تستمع إلى حديث مثقف عميق القول والمعنى، هادئ النبرة والمبنى، فكلّما حلّ صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، ضيفاً على أثير إذاعة الشارقة، لا ترغب في أن ينتهي الحديث، فثراء الكلام، وغناه، وجديده الذي لا يفتأ يتحفنا به سموّه، يجعلك تطلب المزيد، ونحن واثقون، بأنه لو طلب أحد من المستمعين، من سموّه، الاستمرار، فلن يبخل، رغم مشاغله واهتماماته، ومتابعته لأدقّ التفاصيل، وأصغرها، لتبقى الشارقة، إمارة الثقافة، ومبعث البسمة والفرح.

يوم أمس، كان الحديث الشائق الممتع لسموّه، عن عدد من القضايا، التي بدأها، باهتمامه بالأسماء البارقة، وهي التي كان لأصحابها تأثيرات وإسهامات في التاريخ العربيّ، علماً وتأريخاً، وأدباً، وكيف اهتمّ بأن يطلقها على أسماء الأحياء والمساكن في شارقة العلم، وكيف أن جهل الناس ببعض الأسماء، أدّى إلى رفضهم لها، لنفورهم من لفظ بعضها، وهذا ما دفع سموّه، إلى هذا التوثيق، علّه يرفع بعض غشاوة الجهل.

وأشار سموّه إلى عمله الدؤوب على إنجاز سِفر ضخم بعنوان «بيوت الشارقة وساكنيها»، ويتناول كل حيّ من أحياء الشارقة، ومقسّم إلى أربعة أجزاء، وكل جزء معروض بأقدم تصوير جوي للإمارة عام 1964، رغم توافر صور تعود إلى عام 1968، ورفضها سموّه؛ لأنها تعدّ «حديثة» قياساً بالأولى.

وهو يوثّق العائلات وأنسابها وأصولها، وقال: أردت أن يكون هناك تواصل بين أبنائي، فكتبت لهم السند وأشجار عائلتهم.

وفي لفتةٍ لا تنمّ إلّا عن أبوّة وحنوّ عظيمين، قد لا يهتمّ بها آخرون في بلدان غير هذا البلد، أنه حزن وشعر بالضيق، عندما عزّى بوفاة أحد المواطنين، ولفته عدم وجود أحد أقربائه، وعندما التقاه، مرة أخرى، وقدّم له العزاء، فوجئ؛ لأنه لم يكن يعلم أصلاً بوفاة قريبه. فصلة الرحم ليست بوشائج القربى فقط، بل بالمواساة والتعاون، والتواصل المستمرّ.

وشدّد سموّه، على أهمية معرفة الأجيال العربية بتاريخ علمائهم، وما قدّموه إلى البشرية، فهذه العلوم التي تأتيهم اليوم من أوروبا، هي أصلاً لهم، وكانوا يملكونها يوماً.

وبشّرنا سموّه، بافتتاح الحديقة الإسلامية التي ستكون «ثقافة بلا حدود»، ويتعلّم فيها الطفل وأبوه، عن شخصيات عربية وإسلامية مثل الزهري، وابن حيان، وغيرهما.

أن يكون الحاكم عادلاً، أمر طبيعي، وأن يكون مهتماً بشأن شعبه فهذا عاديّ، لكن الفريد والاستثنائيّ والملهم، أن يكون مدرسة في الحكمة والثقافة والرحمة.

سلطان الأب والمعلّم، أبقاك الله ذخراً لشارقة العطاء، ولشعبها والمقيمين فيها، لتبقى الابتسامة والفرح، عنوانين يزيّنان أيامهم.

ebnaldeera@gmail.com