ما لن يحدث في 2019

09-01-2019
كوني مياكي *

قبل سرد ما لن يحدث هذا العام، تعالوا نُلقِ نظرة على الجغرافيا السياسية العالمية.
روسيا والصين، القوتان البريّتان الرئيسيّتان، الواقعتان على جانبَي منطقة يوراسيا (أي أوروبا وآسيا باعتبارهما قارة واحدة)، سوف تتنافسان مع الولايات المتحدة، وهي القوة البحرية الرئيسية، وحلفائها. والقوتان البرّيتان عازمتان على تغيير الوضع الراهن بالقوة، إذا لزم الأمر. ويجري دمج قوى صغيرة على حافة القارة، في القوّتين البريّتين.
وفي حين أن المسرح الأوروبي- أي الطرف الغربي للقارة الأوراسيّة- بريّ التوجه بشكل أساسي؛ فإن المسرح الآسيوي بحريّ أساساً. ولذا تكتسب الخطوط البحرية للاتصال بين الشرق الأوسط وشرق آسيا، أهمية أكبر، وسوف تصبح مسرحاً للعمل الشرقَ أوسطيّ- آسيويّاً.
والآن، إليك ما لن يحدث:
1- كوريا الشمالية، لن تنزع سلاحها النووي. فمنذ يوم رأس السنة الميلادية 2018، تقع منطقة شرق آسيا تحت تأثير «مؤامرة» بين الكوريتين لتطبيع العلاقات بينهما. وممّا زاد الطين بلّة، أن الولايات المتحدة انضمت إلى هذا الأداء المسرحي الإقليمي الضعيف. وحتى مع عقد قمة ثانية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لن يحقق نزع أسلحة بيونج يانج النووية تقدّماً جوهريّاً.
2- الصين لن تخضع لضغوط الولايات المتحدة. فقد أدركت بكين أخيراً، أن الولايات المتحدة تستهدف العملية السياسية الصينية بعينها، ولذا فلا أحد من قادة الحزب الشيوعي الصيني يمكن أن يقدم التنازلات اللازمة لواشنطن. وسوف تستمرّ مباراة الملاكمة المملة هذه بين القوتين المهيمنتين سنوات من دون ضربات قاضية، أو فائزين.
3- جنوب شرق آسيا، لن يتّحد. فالدول الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان)، لم يسبق لها أن توحّدت أبداً، بالنظر إلى عدم تجانسها. ولن يكون لدى بكين السلطة الكافية للسيطرة على كل «آسيان»، ولكنها تستطيع أن تعترض (فيتو) على أي قرارات مناوئة للصين، من خلال لاوس وكمبوديا، وذلك يكفي لقتل أي إجماع بين الدول الأعضاء.
4- الهند لن تصبح حليفاً للولايات المتحدة. فالهند، وهي كيان شبه قاري، ليست قوة برية أو بحرية في «اللعبة الكبرى» في القرن الحادي والعشرين. وعلى الرغم من أن نيودلهي تعتبر مبادرة «الحزام والطريق» وسيلة لاحتواء الهند، فقد لا ترغب في احتواء الصين مع الولايات المتحدة. والهند معنية بشكل رئيسي بنشاطات الصين البحرية في المحيط الهندي.
5- لن يتمّ تقسيم الاتحاد الأوروبي. كان الهدف من توحيد أوروبا سياسياً، منع المنطقة من فقدان ذاتها بين الاتحاد السوفييتي/ روسيا، والولايات المتحدة، وفقاً لتوافُق آراء النخب السياسية في أوروبا. ولذلك، لن يتفكك الاتحاد الأوروبي، حتى لو خرجت منه بريطانيا.
وما دامت فرنسا وألمانيا تعملان سويّة، فسيظل الاتحاد الأوروبي على قيد الحياة، على الرغم من أن القومية والشعبوية، قد تؤدّيان إلى مزيد من التدهور في السياسات المحلية لبعض الدول الأعضاء. وفي هذا الصدد، سوف تبيّن نتائج الانتخابات العامة القادمة في المانيا، الاتجاه الذي سوف تسلكه أوروبا.
6- لن يتم توجيه الاتهام إلى ترامب. فحتى لو اشتدت تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر، في روسيا- جيت، أو اختُتِمت، فلن تبدأ عملية توجيه اتهام إلى الرئيس ترامب. وفي الوقت الراهن، فإن أنصار ترامب العنيدين، متحفظون ولكنهم لا يزالون يؤيدون الرئيس على مضض. وسوف يبقى ترامب في السلطة باعتباره الرئيس الذي لا يمارس الحكم، ولا يوجَّه إليه الاتهام.
7- اليابان لن تتغير بدرجة كبيرة. فالوضع الدولي الذي ذُكر أعلاه قد يوفر لليابان فرصة ذهبية لتعزيز مصالحها الوطنية إلى الحدّ الأقصى على المسرح العالمي. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن قاعدة سلطة رئيس الوزراء شينزو آبي مستقرة، لا يزال الناخبون يشعرون بشيء من الركود السياسي. وقد تبدأ الأمور بالتغير اعتماداً على نتائج انتخابات مجلس الشيوخ الياباني، في يوليو/ تموز، إضافة إلى المفاوضات حول الجزر الأربع الواقعة قبالة الساحل الشمالي الشرقي لجزيرة هوكايدو، وهي الجزر التي تخضع لسيطرة الاتحاد السوفييتي/ روسيا منذ عام 1945.
وبوجه عام، قد لا يكون عام 2019، سعيداً وهادئاً بالقدر الذي تتمناه بطاقات التهنئة بالسنة الجديدة.

* رئيس معهد السياسة الخارجية ومدير الأبحاث في معهد كانون للدراسات العالمية (في طوكيو). موقع: «صحيفة جابان تايمز»